الرحمة المهداة للعالمين
الرحمة المهداة للعالمين
عاش الرسول الأمي محمد صلى الله عليه وسلم يتيما فقيرا مدة أربعين سنة ثم اجتباه ربه من بين جميع البشر ليكون المبلغ عن الله كلماته الازلية المعجزة لجميع البشر للناس كافة، وقد كان محمد صلى الله عليه وسلم في مستوى التكليف والمسؤولية الملقاة على عاتقه، فاستوعب آيات الله البينات، وامن بها وجسدها في أخلاقه ومعاملاته ومعتقداته ونظرته لكل تفاصيل الحياة البشرية فكان خلقه القرآن، واستطاع بصبره على أذى قومه بمكة أن يؤسس مجتمعا إسلاميا بالمدينة يدين بالإسلام في جميع مناحي الحياة الثقافية والسياسية الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية...
إن آيات الله الموحى بها إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تتناول كلها الحقائق والمفاهيم الثابتة في الكون والإنسان والحياة لأنها من عند العزيز العليم رب السماوات والأرض، ربّ العالمين، وهي حقائق لا تتبدل ولا تتغير منذ خلق الله الكون والإنسان والحياة، وقد أوحى الله بهذه الحقائق إلى كل أنبيائه عليهم السلام بلغاتهم المختلفة لتكون للمؤمنين بهؤلاء الأنبياء النور الذي به يهتدون في ظلمات الحياة ودروبها المتشعبة المدلهمة، يقول الله العليم الحكيم:« شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب» (سورة الشورى الآية 13).
لقد جاءت كلمات الله البينات لتفك كل رموز الحياة وتصحح مفاهيم الإنسان عن الألوهية والربوبية الحقة والكون والإنسان والحياة وتجعل الإنسان على بينة من أمره ليحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وهي مهمة قد تكفل الله بها منذ نزول ادم عليه السلام إلى الأرض:« قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» (سورة البقرة الآيتين 38 و39). وقد شاءت حكمة الله عز وجل أن يجعل من أسباب الحياة الطيبة الهنية الاهتداء بآياته البينات في جميع مناحي الحياة، يقول الله عز وجل:«قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى. قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى» (سورة طه الآيات 123و124و125و126 ).
لقد كرّس الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم كل حياته في سبيل إنارة درب أمته الإسلامية بمفاهيم الإسلام وجعلها خير امة أخرجت للناس للشهادة عليهم وقيادتهم وإخراج من شاء منهم من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده خالق الكون والإنسان والحياة الجدير بالعبادة، ومن ضيق الدنيا - بفعل الأغلال والتقاليد التي يلزمون بها أنفسهم إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان الباطلة إلى عدل الإسلام ورحمة الله التي وسعت كل شيء، قدوته في كل ذلك جميع الأنبياء السابقين عليهم السلام ما داموا يشتركون جميعا في حمل نفس الرسالة الموحى بها من الله رب العالمين: «يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم. وإن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون.» (سورة المؤمنون الآية 51 و52).
إن إقتداء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالرسل من قبله يأتي من منطلق وحدة الرسالة الالاهية التي بشروا بها أقوامهم على اختلاف أزمانهم وأوطانهم كما يأتي استجابة لأوامر الله عز وجل الذي قص عليه قصصهم في القرآن مع أقوامهم وكيفية تعامل كل واحد منهم مع قومه في التبشير والإنذار بالرسالة الالاهية التي كلفوا جميعا بإبلاغها إلى أقوامهم في إطار من الوضوح والبيان يقول الله عز وجل:«أولئك الذين أتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسالكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين» (سورة الأنعام الآيتين 89 و90).
فالله عز وجل قد أبان للإنسان المنهج الحق والشريعة الحق منذ خلق ادم عليه السلام لذلك نجده عز وجل يخاطب عبده ادم عليه السلام قائلا:«اهبطوا منها جميعا – الجنة- فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون» (سورة البقرة الآيتين 38 و39 ). كما نجد الله عز وجل يذكر المسلمين دائما بان القرآن هو كتاب الله الخالد الذي جاء مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل وكل الكتب الالاهية السابقة له:« إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى»(سورة الأعلى الآيتين 18و19)وعندما يخاطب الله بني إسرائيل يقول لهم:« يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون. وامنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون» (سورة البقرة الآيتين 40 و41).
كما أن عقيدة المؤمن مبنية أساسا على الإيمان بالله وجميع كتبه ورسله... يقول الله عز وجل:«امن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير» (سورة البقرة الآية 285 ). وعندما يأمر الله عز وجل المؤمنين بصيام شهر رمضان يذكرهم بان فريضة الصيام قد فرضت على المؤمنين من أتباع الرسل السابقين أيضا... يقول الله تبارك وتعالى:« يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»(سورة البقرة الآية 183). والحاصل إن شريعة الله مكتملة منذ خلق الله عز وجل ادم عليه السلام وقرر أن يجعله خليفة في الأرض، فأوامر الله ونواهيه ثابتة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان أو المكان، وكانت المهمة الأساسية لرسل الله عليهم السلام تذكير أقوامهم بها ليسير على هديها من شاء ويكفر بها من شاء، والمتبعون لها يسميهم الله:«المؤمنون والمهتدون وأولو الألباب وأولو العلم...» وغير المتبعين لتعاليم الله يسميهم الله:«المشركون والكفار والمنافقون والعصاة والظالمون والذين لا يعقلون والجاهلون كما يشبههم الله عز وجل بالأنعام بل هم أضل... وبالتالي لم يترك الله إمكانية للاجتهاد البشري في الدين ولو كان هذا المجتهد نبيا أو رسولا. فالتشريع قد اختص الله به دون سائر البشر وكل ما يحتاجه المؤمن في حياته الدنيا قد فصل الله فيه القول تفصيلا.. وقد أعلمنا الله عز وجل انه:« ما فرطنا في الكتاب من شيء» و«وكل شيء فصلناه تفصيلا». وهذا الإخبار ينزع عن المجتهدين في الدين أي مشروعية، بل إن الله يعتبر أن أتباع هؤلاء المجتهدين في الدين :" قد اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم" كما فعل اليهود والنصارى من قبل ..وبالتالي فان المجتهدين في الدين وأتباعهم هم كفار ومشركون في المفهوم القرآني! فالمؤمن بالله حق الإيمان المقتنع بربوبية الله عز وجل لا يحتاج لانتهاج السلوك القويم إلاّ لكتاب الله الذي انزل آيات بينات- بصائر- استطاع محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه من الأميين فهمها واستيعابها وإقامة دولة إسلامية قوية على أساسها أوصلت تعاليم الله إلى أقاصي الأرض.إن سلوك المؤمن يعتبر كله عبادة لله إذا ما اهتدي بهدي القرآن.. ولا يعبد الله إلا بما شرع في كتابه العزيز.
الوحي الإلاهي:
لقد جاء الوحي الالاهي منذ بداية نزوله على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مبشرا بقراءة جديدة للكون والإنسان والحياة والربوبية الحقة والألوهية الصحيحة ومفاهيم مغايرة لما تعارف عليه البشر واصطلحوا عليه واستنتجوه من خلال تجاربهم الحياتية المحدودة زمانا ومكانا... إن القراءة الجديدة التي بشر بها الإسلام تصطبغ بصبغة الله الذي أحسن كل شيء خلقه:« اقرأ باسم ربك الذي خلق» فهي قراءة تبتدئ باسم الله وتنتهي باسم الله وهدفها الأساس فهم كلمات الله البينات لتجسيمها في الواقع المعيش للإنسان والسير على هداها في جميع مناحي الحياة لان كل سلوك المؤمن هي عبادة لله رب العالمين ما دام هذا السلوك منضبط بأوامر الله ونواهيه، وغايته ابتغاء وجه الله والإخلاص لدينه والفوز برضاه في الدنياوالآخرة...
لقد اخطر الله نبيه عليه السلام منذ بداية إنزال الوحي عليه بأنه عز وجل قد: «علم الإنسان ما لم يعلم» حتى لا يخطرن ببال إنسان مهما أوتي من علم انه يجوز له أن يفتي بغير ما انزل الله ولو كان نبيا:« قل ما كنت بدعا من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم إن اتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين»(سورة الاحقاف الاية9). «وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا. ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا» (سورة الإسراء الآيات 73 و74 75. (
إن علم الله يتجاوز كل قدرات الإنسان الذهنية فالله قد أحاط بكل شيء علما أما معارف الإنسان فهي نسبية ومحدودة وهي مجرد استنتاجات وتخمينات قد تخطئ وقد تصيب، فالإنسان عاجز بقدراته الذهنية ووسائله المحدودة زمانا ومكانا أن يعرف السلوك القويم للإنسان في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية... وإنما هو قادر فقط بما وأتيه من إمكانيات ذهنية وتجريبية وتاريخية.. وقدرة على الاستفادة من حياة الكائنات والعوالم الأخرى أن يستنبط الحلول الملائمة لتطوير معيشته وابتكار أنجع السبل والوسائل لتيسير حياته كابتكار وسائل فلاحية متطورة والارتقاء بوسائل النقل البري والبحري والجوي وتيسير وسائل التعلم والمعرفة وصناعة آلات حربية ووسائل عسكرية اقدر على الفتك بالإنسان والتدمير وإهلاك الحرث والنسل...وقد سمى الله عزّ وجلّ كلّ ذلك "العلم بظاهر الحياة الدنيا": « يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا» (سورة الروم الآية 7).
فاكتشاف القوانين الفيزيائية والكيميائية والجيولوجية وغيرها وتطويع كل ذلك لتيسير معيشة الإنسان وجلب الرفاهية له أمر متيسر لجميع البشر إذا ما تعلقت همتهم بذلك، أما السلوك الإنساني الرشيد الذي يرضي الله عز وجل ويضمن الحياة الطيبة والهانئة والمطمئنة للإنسان... فأمر متروك لخالق الكون والإنسان والحياة وحده، العليم بأسرار مخلوقاته، المطلع على كل خفاياها الظاهرة والباطنة...
الألوهية والربوبية:
لا أحد من الخلق ينكر أن الله عز وجل هو خالق كل شيء في الوجود وانه تعالى قد أحسن كل شيء خلقه، يقول عز وجل:«ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ». لكن الإشكالية الكبرى التي تنازع فيها البشر ولا يزالون يختلفون فيها ويقتتلون من أجلها ويتصارعون هي: ربوبيّة الله سبحانه وتعالى، والرّبوبية تعني في أبسط مفاهيمها خضوع العبد المؤمن بألوهية الله إلى كل أوامر الله ونواهيه والعمل بمقتضى آيات الله البينات، لذلك تساءل الله سؤالا استنكاريا:«أتقتلون رجلا يقول ربي الله ؟!». والذي يقول: "ربي الله" هو في المفهوم الإسلامي هو"المؤمن الحق "الذي يستحق الفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، لذلك يتكرر في القرآن اقتران الإيمان بالله ب"العمل الصالح" أي العمل الذي يستضيء بنور الله وإلا أصبح إيمان المرء عدميا أي لا قيمة له، فالعمل الذي لا يقترن في ذهن صاحبه بربوبية الله أي أن يكون القصد منه التقرب إلى الله والسعي لمرضاته هو عمل كالهباء المنثور، يقول الله عز وجل: «وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا» ويقول أيضا: «والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الضمان ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب » (سورة النور الاية39). صدق الله العظيم.
--------------
لمزيد الاطلاع على كتابات مؤسس *دعوة الحق العالمية * الأستاذ محمد بن سالم بن يرجى زيارة المواقع التالية Http : islam3mille.blogspot.com : almizenalislami.blogspot.com : maktoubalislam.canalblog.com : daawatalhak.blogspot.com :
تعليقات
إرسال تعليق
بعث دولة التوحيد في العالم الإسلامي
هي الرد الوحيد على كل أعداء الإسلام ؟
إن دولة التوحيد وحدها القادرة على رد كيد الأعداء في نحورهم و قتل اليهود المجرمين و الصهاينة المعتدين - أعداء الإنسانية - و ليس تركيا أو إيران أو حماس أو القاعدة ... أو الحكومات العربية المتخلفة...؟؟؟ لأن جميع هؤلاء "علمانيون قطريون" لا تحكم أفعالهم آيات القرآن الكريم و قوانينه الفطرية المجسدة لكل تطلعات الإنسانية في الأخوة و التضامن و التعاون .. و الإنتصار للحق ؟؟
لا حل لنصرة المسلمين و المسلمات و المستضعفين في الأرض و وراثة الأرض ... و التمكين لشريعة الله في الأرض و تحقيق السعادة و الإستقرار في الدنيا و نيل رضوان الله في الآخرة ... ؟ إلا بالسعي الجاد لإقامة دولة التوحيد، المشكلة من" الولايات الإسلامية المتحدة" و تطبيق قوانين القرآن ... في جميع مجالات الحياة ....؟
فأين أنتم يا جنود الله – جنود الإسلام – في تونس و في العالم ... لأخذ المبادرة من حكومات عربية لقيطة جعلت شعوبنا الإسلامية نهبا لكل من هب و دب ..؟
راجع تفصيل ذلك في :
Islam3mille.blogspot.com
http://www.elaphblog.com/islam3000
http://www.elaphblog.com/daawatalhak
http://www.elaphblog.com/islamonegod
http://as7ab.maktoob.com/welcome.htm