الإسلام وتحديات القرن 21
الإهداء إلى ابني نصير الله
في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كانت حركات الاستعمار الكبرى للعالم الإسلامي تركز قواعدها في الهند ومصر والجزائر وتونس و السودان.. كحلقة أخيرة من حلقات تطويق العالم الإسلامي و الانقضاض على ثرواته و نهبها. و كان قد مهد لهدا الاستعمار بغزو حضاري نشيط, ابتدأه و ألهب شرارته الأولى في ديار الإسلام ما يسمون عندنا« بزعماء الإصلاح العرب»! و هكذا تراجعت الرابطة الإسلامية كشكل من أشكال البناء السياسي القائم أمام ضربات الاستعمار الموجعة و قد توج ذ لك بسقوط الخلافة الإسلامية العثمانية عام 1924م على يد كمال أتاتورك.
لقد تمزقت الوحدة الإسلامية خلال القرن العشرين و تنازعت الدول الكبرى ميراث الإسلام و سيطرت على أضخم قواعده ومقدراته و اندفعت الحركة الصهيونية العالمية من خلال مخططات الاستعمار تسيطر على فلسطين و تجعل من احتلال بريطانيا للقدس مقدمة لسيطرتها عليها بعد خمسين عاما.
و لقد قاوم المسلمون في معارك حاسمة في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي في أفغانستان و القرم ومصر و سورية و الجزائر و العراق و باكستان و حققوا بعض الانتصارات و تحررت البلاد الإسلامية من نفوذ الاستعمار العسكري المباشر و انبعثت من قلبه « حركة تنويرية تحررية» بعد طول سبات.
غير أن حركة التنوير و التحرر لم تلبث أن واجهت عقبات كأداء في العقود الأخيرة من القرن الماضي و بداية هدا القرن الجديد, فقد تحالف الاستعمار الغربي و الصهيونية من اجل ضرب حركة التنوير و التحرر و دفعها للانحراف عن ثوابتها الإسلامية و مفاهيمها القرآ نية.. و من ثم فان اخطر التحديات في السنوات الأخيرة تتمثل في الحفاظ على الذاتية الإسلامية و حماية الهوية الثقافية لشعوبنا الإسلامية, و تطوير هياكلها و تحرير العقل المسلم من الجمود الفكري و من الأخطار الفكرية والمفاهيم الثقافية المنحرفة عن هداية الله التي تلقى إليه عن طريق وسائل الإعلام و الاتصال المختلفة و التبشير و الاستشراق و الشعوبية من اجل اذابة الهوية الحضارية لامتنا الإسلامية لدعوى "الحداثة" و" العولمة" و" العلمانية" و"اللائكية"... وهي دعاوى وان اختلفت مسمياتها إلا أنها تتفق على أن يترك المسلمون ثوابت دينهم الإسلامي و مفاهيم قرآنهم المتطابقة مع حقائق الكون والإنسان و الحياة و تغييرها بفلسفات مريضة و تيارات جانحة منحرفة من الفكر و الثقافة و الاعتقاد و نظرة خاطئة لحقيقة الألوهية و القدر حتى يسهل للغرب الاستعماري بعد ذلك السيطرة علينا و نهب ثرواتنا و استغلال شعوبنا و إخضاعها لاطروحاته المعادية لكل مصالحنا...
هذا هو التحدي الكبير الذي يواجهه المسلمون في بداية هذا القرن !؟ فالقضاء على أصالة هذه الأمة و كيانها الفكري و الروحي هو مقدمة لتحقيق مآرب الصهيونية اللقيطة في الاستيلاء على ارض المسلمين و خيراتهم بمساندة الغرب الاستعماري و على رأسه الولايات المتحدة الأمريكية المتصهينة!؟.
إن كل هؤلاء لا يخفون عداءهم لحملة الراية الإسلامية الذين اختاروا طريق الأنبياء و الصالحين في الانتصار للحق و إعلاء كلمة الله والتمكين لشريعته في الأرض... و هذا العداء تتفق عليه مختلف تشكلانهم الثقافية و السياسية و العسكرية...
و خلاصة ما يسعى إليه الغرب الاستعماري بمعية الصهيونية العالمية اللقيطة هو التدجين و الاحتواء. و لعل ابرز التحديات التي واجهت المسلمين لتدجينهم و احتوائهم تتمثل في تحريف مفهوم الإسلام و تشويهه و إخراجه من طابعه المتكامل الجامع بين الدنيا والآخرة – إذ أن حياة المسلم وكل أعماله في الحياة الدنيا هي عبادة و تقرب لله رب العالمين في المنظور الإسلامي - اذا ما اهتدت أعماله و كل سلوكياته بهدي القرآن العظيم - متهمين شريعته بالتخلف والرجعية ! و نادوا بعزله عن الحياة كما فعل اليهود و المسيحيون من قبل و الذين اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله يشرعون لهم و يحددون لهم مفاهيم الحياة البعيدة كل البعد عن حقائق الوجود..! و دعوا إلى "اللائكية" و" العلمانية" بديلا عنه!؟ كما استغلوا جهل العامة و الخاصة – من النخب المتغربة - بأهمية الشريعة الإسلامية و المفاهيم الإسلامية في الحفاظ على مكتسبات الأمة المسلمة و حماية النفس البشرية و الكيان الاجتماعي من السقوط و الانهيار و نادوا بالتحلل منها و استبدالها بقوانين الغرب و شريعته - والتي حولت العالم إلى غابة وحوش ضارية يأكل القوي فيه الضعيف!؟- رغم عدم انسجامها مع خصوصيتنا الحضارية وقيمنا الثقافية و مفاهيمنا الإسلامية !؟ ثم امتدت دعوة التغريب فزيفت المفاهيم و حرفت الكلم عن مواضعه و شوهت المبادئ التي أقامت الحضارة الإسلامية و أوصلتها إلى أقاصي الأرض و استمد منها المسلمون القوة على الصمود و القدرة على الفعل و بناء القوة و العزة و الحضارة لردح طويل من الزمن.. و يمكن حوصلة الهجمة الغربية – الصهيونية على الإسلام في النقاط التالية:
* محاربة الإسلام بنظريات زائفة كالتي تزعم أن الدين ليس سوى الانعكاس الواهم في دماغ البشر للقوى الطبيعية التي تسيطر على وجودهم اليومي (نظرية كارل ماركس).. كما شكلت مصنفات ما يسمون بفلاسفة الأنوار في القرن الثامن عشر ميلادي أرضية خصبة لمحاربة الدين عامة و الفكر الإسلامي خاصة, من بعد ما تبنته نخبة هامة من" زعماء الإصلاح" في البلاد الإسلامية, و لم يدرك هؤلاء أنهم كانوا يحفرون مقابر حضارتهم الإسلامية بأيديهم!.
* محاربة القيم و المبادئ الإسلامية و كل القيم النبيلة التي تنسجم مع فطرة الإنسان السوي, بدعوى أنها قيما نسبية و متغيرة, و مرتبطة بالبيئات و العصور و تختلف باختلاف الحضارات!.
* الدعوة إلى هدم الأسرة باعتبارها من مخلفات المجتمعات الإقطاعية و عصور الانحطاط والتشجيع على العلاقات المنحرفة كاللواط و السحاق والإجهاض كحل لبعض المشكلات الأسرية.
* الدعوة إلى قيام العلاقات البشرية على أساس المصالح المادية و العرقية و الاثنية و إثارة العصبيات الطائفية و العرقية..
* محاربة اللغة العربية الفصحى, لغة الإسلام الأولى و لغة القرآن الكريم لإدراكهم الارتباط الوثيق بين اللغة العربية و الدين الإسلامي و مجد ووحدة المسلمين, و قد عملوا جاهدين على ترويج الدعاوى التي تتهم اللغة العربية الفصحى بالعقم و البداوة و القوا عليها مسؤولية التخلف الحضاري للمسلمين و رفعوا شعار « من أراد التقدم و الرقي فلا يتكلم اللغة العربية » زاعمين بعدم استجابة الفصحى للحضارة الحديثة و أنها لا تستوعبها و هي عسيرة على من يتعلمها ؟!
* اعتماد مناهج تربوية بعيدة كل البعد عن المنهج الإسلامي في تربية الإنسان المسلم المثبت من الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة, المستضيء بنور الله الذي لا يخبو أبدا« قل إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين ».
* خلق مفهوم صراع الأجيال حتى يسهل بعد ذلك دفع الشباب إلى الانهيار و التمزق في ظل فراغ نفسي وفكري و ثقافي و عطش روحي.... و قد تخفوا وراء مذاهب و نظريات منحرفة مغرضة اثبت العلماء المحايدون تفاهتها و عدم ارتكازها على حقائق علمية ثابتة و انبناؤها على الظن و التخمين و ليس لها أية صلة بالواقع, بل و قدرتها الفائقة على تخريب عقول الناشئة و صنع الرجال الجوف !
إن مجابهة هذه التحديات و غيرها تبدأ بتجديد الثقافة الإسلامية الصحيحة المبنية على الثوابت الالاهية الحقة انطلاقا من ثوابتنا القيمية و الحضارية و مفاهيمنا الإسلامية المبثوثة في ثنايا الذكر الحكيم, إذ لا يعقل أن نجابه مفاهيم الزيف الحداثي و العولمة بمفاهيم عصور الانحطاط البالية في تاريخنا الإسلامي و دون أن نطور مفاهيمنا و نصححها و نجعلها تاخد بالألباب كما أخذت بالباب رجال الجاهلية الأولى لانبنائها على الحق و النور الإلهي.
سنن إقامة الحضارات
« زمن الانحطاط العربي » مقولة مختصرة لكنها معبرة, تعبر عن المرارة التي أضحى يشعر بها المفكر في البلاد الإسلامية وهو يرى أن الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية... تزداد سوءا وانتكاسا على مر الأيام.
يحدث كل هذا بعد أن شهد ت البلاد الإسلامية جمعا من المصلحين والمفكرين الذين تخصصوا في شتى المجالات (1)
إن هذا الوضع الذي آلت إليه حالنا يحتم علينا أن نطرح السؤال التالي: ماهي الأسباب الكامنة وراء فشل البرامج الإصلاحية التي أخذت تظهر منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي! ؟
أسباب الفشل:
إن المتتبع لمؤلفات رواد النهضة في بلادنا الإسلامية يلاحظ أن الانبهار بما حققته الحضارة الغربية كان عظيما في نفوسهم و الانشداد إلى النمط الغربي في الحياة واضحا و جليا ( 2 ) و هذا الانبهار بمنجزات الغرب جعلهم يتخذونه قدوة ومثالا, فكان النمط الغربي النهضوي حاضرا لدى جل هؤلاء الرواد( 3 ) لذلك جاءت برامجهم الإصلاحية و تنظيراتهم تنقصها الدراسة العلمية المتأنية التي تراعى فيها الملابسات و الظروف التي أدت بأمتهم الإسلامية إلى حالة من التخلف و الانحطاط الحضاري.
و لا عجب بعد دلك أن نجد منهم من يدعو إلى « أن نسير سيرة الاروبيين و نسلك طريقهم لنكون لهم أندادا و لنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها و شرها وحلوها و مرها وما يحب منها وما يكره و ما يحمد منها و ما يعاب » (4)
إن الصفة المشتركة التي جمعت زعماء الإصلاح هي« افتقار الشعور بالعزة بهويتهم الحضارية الإسلامية, و الانبهار الكلي بالغرب » وهذالانبهار قد أعشى أبصارهم أن ترى الدرب القويم و النهج السليم لنهضة أمتهم الإسلامية و بناء حضارة إسلامية جديدة تليق بخير امة أخرجت للناس وقد كلفها ربها بان تكون شاهدة على الناس إن هي استمسكت بالنور الذي انزله الله عليها – القرآن - و التاريخ« يعلمنا انه ما من مدنية تستطيع أن تزدهرأو تظل على قيد الحياة اذا هي خسرت إعجابها بنفسها و صلتها بماضيها » (5 ).
نظرة تاريخية
الإسلام و مرحلة الفكرة والمفاهيم الجديدة:
جاء الإسلام معلنا منذ بداية نزول الوحي على الرسول محمد صلى الله عليه و سلم عن بداية ظهور نظرة مغايرة لما هو سائد بين البشر و مفاهيم جديدة للكون و الإنسان و الحياة, تختلف جذريا عما تعلمه الإنسان من مصادر بشرية و معلنا بوضوح مخالفته لسائر التصورات( البشرية المساوية للجاهلية في المنظور القرآني ): ثقافتها و معتقداتها أخلاقها و معاملاتها, نظمها و تشريعاتها:« اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم » (سورة العلق الآيات 3 و 4 و5).. ليبرز بعد عملية الهدم مباشرة شخصيته المستقلة بكل أبعادها العقائدية و ا لتشريعية و مختلف تصوراتها و طموحاتها على أنقاض الجاهلية ={ كل مفاهيم الإنسان عن الكون و الإنسان و الحياة التي تخالف المفاهيم الالاهية ) والتي أعلن الحرب عليها منذ الوهلة الأولى:« كلا لا تطعه و اسجد واقترب » ( سورة العلق وهي أول ما نزل من القرآن الآية 19).
إن مراجعة بسيطة للنهج الذي اتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون في إحداث التغييرات الجذرية التي هزت جزيرة العرب يلاحظ ما يلي:
- بداية نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه و سلم في غار حراء و قد حمله ربه مسؤولية التبليغ و إيصال ما سيوحى إليه من قيم و مبادئ ومفاهيم جديدة عن الكون و الإنسان و الحياة إلى الناس كافة بدءا بالعشيرة الاقربين.
- الجهر بالدعوة الإسلامية و تحمل الاذى و الصبر على تعنت الكفار و إجرامهم في حق أتباعه من المؤمنين برسالته.
- نزول ما سمي ( بالقرآن المكي ويعد 86 سورة ) وهو في جملته آيات قصيرة تعالج قضايا توحيد الله و تحارب الشرك بالله بمختلف تشكلانه و تشير إلى مواطن الفساد في الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و ترد على بعض شبهات أهل الكتاب و مزاعم أهل مكة و تندد بتصرفاتهم المنحرفة و تصحح مفاهيم البشر عن الألوهية الحقة و الربوبية الصحيحة و التي لا تجوز الا لخالق الكون و الإنسان و الحياة العليم الخبير الذي يعلم غيب السماوات و الأرض... فالقرآن المكي كان يدعو إلى – فكرة جديدة و مفاهيم مغايرة لمفاهيم البشر– لتحل محل الفكر و المفاهيم و المعتقدات الجاهلية في ذهن المتقبل حتى تؤثر في فكره و وجدانه تمهيدا للانتقال به إلى مرحلة أخرى قادمة.
- كان الرسول صلى الله عليه و سلم يدعو أصحابه الذين امنوا بدعوته بالصبر على الاذى و التنكيل الذي كانوا يتعرضون له على يد كفار قريش و عدم الرد بالعنف على الاضطهاد الذي كان يسلط عليهم – رغم استعداد بعض الصحابة للقيام بذلك... و لما اشتد الاضطهاد على بعض الصحابة نصحهم عليه الصلاة و السلام بالهجرة إلى الحبشة لان بها ملكا لا يظلم الناس عنده أبدا.. وقد استمر الرسول و أصحابه في الاستمساك بالمفاهيم الالاهية الجديدة و الالتزام بالدعوة إلى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة و مجادلة الكفار و المشركين و كل المناوئين بالتي هي أحسن. ولم يسجل لنا القرآن أو المؤرخون أن أحدا من الصحابة قد كون عصابة للرد على اضطهاد قريش أو تحرير البيت الحرام من أيدي كفار مكة و مشركيها.. بل كان سلاح المؤمنين الوحيد: الدعوة إلى الإسلام الحق و الجهاد بآيات القرآن الكريم والتي تحمل المفاهيم الجديدة و إبلاغها إلى مسامع المشركين و الصبر على ا ذاهم امتثالا لأوامر الله في القرآن المكي- سور القرآن التي أوحى الله بها إلى الرسول صلى الله عليه و سلم بمكة -.
- ثم جاءت حادثة الإسراء بالرسول محمد صلى الله عليه و سلم لتتوج المرحلة المكية *مرحلة الفكرة و المفاهيم الجديدة*, و أهم ما يمكن استخلاصه من حادثة الإسراء هو بداية تلقي المسلمين لبعض التشريعات و العبادات كالصلاة
و هي تشريعات عملية تستوجب توفر الأمن للقيام بها وهو ما يعني حدوث نقلة نوعية كبيرة, لان المرحلة المكية التي سبقت حادثة الإسراء تميزت بتركيز القرآن على المعتقدات الإسلامية و المبادئ الذهنية و المفاهيم الجديدة عن الكون
و الإنسان و الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و القيم الأخلاقية و محاربة التمظهرات المتنوعة للكفر و الشرك و التشهير بانحرافات زعامات قريش العقائدية والاقتصادية و الاجتماعية و غيرها.. وهذايعني أن حادثة الإسراء كانت بمثابة التمهيد للإعلان عن انتقال المسلمين من مرحلة «الفكرة» إلى مرحلة « الدولة».
الإسلام و مرحلة الدولة:
بعد حادثة الإسراء أمر الرسول صلى الله عليه و سلم بالهجرة إلى المدينة, و قد مهد عليه الصلاة و السلام لهجرته و هجرة أصحابه عندما التقى بالأنصار – الاوس و الخزرج- و اخذ منهم عهدا بحمايته و حماية أصحابه و نصرة الدين الذي بعثه الله به إلى الناس كافة و كان قد سبقه بعض صحابته إلى المدينة لتوضيح الغامض من دعوته..
- في المدينة أصبح للمسلمين ارض آمنة وقد امن جل أهلها بالرسالة الإسلامية و ثروات متعددة و قوة مادية استطاع الرسول صلى الله عليه و سلم بما اوتيه من حكمة الاهية و بصيرة قرآنية من أن ينشئ منهم مجتمعا مسلما يعتنق العقيدة الإسلامية و يحتكم إلى الشريعة الإسلامية في علاقات إفراده بعضهم ببعض و تنتظم علاقاته وفق التصور الإسلامي والمفاهيم الإسلامية في الأسرة و المجتمع و علاقاته الداخلية و الخارجية... ثم كون الرسول\القائد جيشا قوامه مؤمنون باعوا أنفسهم و أموالهم لله رب العالمين مقابل الفوز بجنة عرضها السماوات و الأرض..« إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل و القرآن و من أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم »(-سورة التوبة الآية 111)... إن تكوين الجيش الإسلامي جاء بعد تكوين الدولة الإسلامية لحمايتها من الأعداء المتربصين.
- و لم يمر زمن طويل حتى اذن للذين أوذوا في سبيل الله بالقتال و استعمال السلاح لاسترجاع حقوقهم المنتهبة من الكفار و المشركين و صد عدوانهم و مكرهم بالمسلمين..
- في مرحلة تالية بدا المسلمون- بقيادة رسولهم عليه الصلاة و السلام - يفكرون في نشر الدعوة الإسلامية خارج حدود دولتهم الفتية, و بدا الرسول\القائد السياسي و العسكري في بعث السرايا و الجيوش إلى مختلف الأصقاع لفتحها و نشر الإسلام فيها حتى تعم رحمة الإسلام الناس كافة.. استجابة لنداء "القرآن المدني".
إن هذا التسلسل الذي اتبعه الرسول\القدوة صلى الله عليه و سلم و أصحابه في نشر الدعوة الإسلامية و من ثم بناء الحضارة رغم وضوحه في السيرة النبوية ( 6 ) قد تغاضى عنه المسلمون في العصر الحديث فغابت عنهم الأولويات مما أوقعهم في المحظورات و أبعدهم عن هداية الله.
الرأسمالية الغربية
لقد مثلت الحداثة الغربية – قطيعة تامة بين عهود الظلام السابقة و بين ما سمي بفلسفة الأنوار التي نادت بتحرير الإنسان من سلطة الكنيسة و جبروتها و حرضته على امتلاك زمام أموره و كسر القيود الذي فرضته عليه عهود من الجهل و الانحطاط, فلقد استفاق الاروبيون فوجدوا ركاما ضخما من التجارب و المعارف التي خلفتها حضارات عديدة بما فيها الحضارة الإسلامية, فأغراهم ذلك بالتمعن فيها بحثا عن السبيل الموصل إلى البناء الحضاري و التقدم و التحرر من جهالات رجال الدين عندهم. وما انفك هذا الشعور يتنامى في اروبا منذ القرنين الحادي عشر الميلادي و الثاني عشر خصوصا في فرنسا وايطاليا...
وانتبه الغربيون بعد هيمنة طويلة فرضتها الكنيسة الكاثوليكية و اثر تزايد قهر الأباطرة, و صار بعض المفكرين يتحسسون طريق الخلاص من تبعات عصور الانحطاط. و كان لتظخم ممارسات الكنيسة الكاثوليكية ولاستفحال السياسة القهرية التي ينتهجها الأباطرة دور كبير في تصعيد الاستياء و تنمية رصيد الشعور الرافض بعد يقين عمقته الملاحظة بان ممارسات الاكليروس و مقررات البابا فاقدة
للمصداقية لأنها تتضارب مع حقائق الوجود و تطلعات الإنسان نحو الانعتاق... فهي تفرض وصايتها عليه!؟ و كان للجامعات أللاهوتية التي وقع بعثها في بعض أقطار اروبا كالسربون مساهمات في المجال المعرفي و تأثيرات حتى في الكنيسة ذاتها( 10 ).
إن فقدان الشرعيات الدينية مصداقيتها ليس فقط بالنسبة إلى بعض المثقفين... و لكن في الشرائح العريضة للمجتمعات الغربية بأسرها هو الذي ولد مفهوم العلمانية الداعي إلى تخليص قطاعات المجتمع والثقافة من سيطرة المؤسسات الدينية و نواميسها.. و قد سعى مفكرو عصر الأنوار( 11 ) إلى تنوير الشعب و تحريره من ظلم الكنيسة و جبروتها, فرفعوا في وجه الكنيسة التي كانت تبيع صكوك الغفران – "اللائكية", و في وجه رجال الدين و استغلالهم للشعب باسم الرب, رفعوا" الحرية و الإخوة و المساواة"..
إن إزاحة الغربيين لتأثيرات الكنيسة عن مجرى حياتهم نظرا لما أصبحت تمثله من عقبات كأداء أوجد لديهم الحافز القوي على البحث و التنقيب و استنباط النظم السياسية و الاقتصادية و النظريات العلمية والمعرفية و غيرها بمعزل عن تأثيرات قرون من التخلف و الجهل.. و الذي ساهمت فيه بقسط وافر قناعات رجال الدين المسيحي الضالة عن وحي الله و كلماته في التوراة و الإنجيل و القرآن..
الماركسية
عاش ماركس( 1818- 1883) ضمن المجتمع البرجوازي, و عاين عن قرب أوضاع العمال المتردية, ذ لك أن العامل رغم قيامه بالعمل و الإنتاج إلا انه لا يتمتع بثمار سواعده, حيث أصبحت الطبقة البرجوازية الرأسمالية هي المالكة" بل المغتصبة لما ينبغي أن يكون ملكا للعمال من وسائل الإنتاج "... يقول ماركس في معرض تحليله للأوضاع المتردية التي أفرزتها الطبقة البرجوازية:« إن البرجوازية لم تكتف بصناعة الأسلحة التي سوف تؤدي إلى فنائها بل أنجبت الرجال الذين سوف يستعملون هذه الأسلحة – اعني بهم عمال العصر الحديث - الذين يؤلفون البروليتاريا و كلما ازدادت قوة البرجوازية أي راس المال ازداد نمو البروليتاريا, تلك الطبقة التي تضم العمال الذين لا تتوفر لهم أسباب العيش إلا اذا وجدوا عملا, و لا يحصلون عليه إلا اذا كان هذا العمل منميا لراس المال. فهؤلاء العمال الذين يضطرون إلى عرض أنفسهم للبيع يوميا هم معرضون نتيجة لذلك إلى كل تقلبات المنافسة التي تعتري السوق... لقد صار العامل فقيرا و تفاقم الفقر بسرعة تفوق سرعة نمو السكان و تراكم الثروات... فمن البين إذن أن البرجوازية لم يعد في امكانها القيام لمدة طويلة بدور الطبقة المسيرة (7 ) تكشف لنا هذه الوثيقة عن وعي ماركس بالظلم والحيف الاجتماعي الذي يعاني منه العمال في مجتمع تسوده الأنانية و الاستغلال و سلوك كل السبل للإثراء و لو على حساب فقر الملايين من العمال.لا تهمنا هنا تحليلات ماركس و تنبؤاته الخاطئة فذاك أمر آخر! ما يهمنا هوالموقف الفكري و السلوك الحضاري الذي انتهجه تجاه واقع معين... تبنى ماركس اذن هموم العمال و مشاكلهم, وسعى إلى إنشاء منظومة فكرية تمثلت في نظريته – المادية التاريخية – ذلك أنها تقوم على مبدأين أساسيين: هما المادية المنطقية و المادية التاريخية. ذلك أنها تنظر إلى المادة على أنها أساس كل أمر في الحياة, و أن البشرية مسيرة في مختلف أطوارها بتأثير المادة فقط (8) يقول ماركس موضحا ذلك: « إن الأفكار لا يبتدعها دماغ الإنسان... و هذا الدماغ ليس إلا مادة دقيقة التركيب وهو جزء من الجسم يعكس مؤثرات العالم الخارجي »(9).
شن ماركس و أتباعه حملة منظمة ضد النظام الرأسمالي و كل مبادئه و قيمه طارحين بدائل أخرى و قيما جديدة, و مبشرين بإيجاد جنة أرضية يحكمها الكادحون و العمال والفقراء – ففي جريدة البرافدا ركز لينين حملاته تحت شعار: « كل السلطة للسفيات * الأرض للفلاحين... الخبز للجائعين...
و في أكتوبر سنة 1917 قامت الثورة البلشفية, الثورة التي أنبنى على أساسها ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي..
بعد هذا الاستعراض السريع لثلاث حضارات مختلفات.. نعود لنطرح على أنفسنا السؤال التالي: ماهي السنن و القوانين التي تتحكم في إقامة الحضارات الإنسانية ؟
بناء الحضارة:
إن استقراءنا للحضارة الإسلامية و الحضارة الغربية بشقيها الرأسمالي و الماركسي يمكننا من بلورة السنن و القوانين التي تتحكم في إقامة الحضارات في النقاط التالية:
1- فكرة إنسانية سامية:
وهذه الفكرة يمكن أن تكون دينا سماويا أو بشريا أو منظومة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية... تحمل في طياتها صفة العالمية و استطاع مفكرو الشعب أن يقنعوه بان فكرته التي يتبناها هي أسمى فكرة على الإطلاق وأن هذه الفكرة لا تحمل سعادته هو فقط بل مرشحة لإنقاذ البشرية كافة, و تستحق هذه الفكرة أن يضحي الشعب من اجلها و يغامر حتى تتجسد على ارض الواقع, ثم نقلها إلى بقية شعوب العالم لتستفيد منها و تخرجها – من الظلمات إلى النور- و من الاستغلال إلى التمتع بخيرات الحياة و طيباتها... و من الجور و الظلم إلى العدل و المساواة... و من ظلمات القرون الخالية إلى نور الحياة و رفاهيتها.إن أي برنامج إصلاحي أو منظومة فكرية عاجزة عن تحقيق النهضة المنشودة في الشعوب إن لم تكن تحمل في طياتها هذه السمة, و عجزت عن إقناع الشعب الذي يتبناها بسموها و تفوقها على كل الأفكارو المنظومات الأخرى.
2 - تقزيم الخصم و الحط من فكره و قيمه( 12)
و هذا القانون هو مواصلة للقانون الأول في شروط إقامة الحضارات: إن تقزيم الخصم و الحط من قيمة منظومته الفكرية عملية تأتي مواصلة للعملية الأولى
و هدفها الوصول بالشعب المراد إنهاضه إلى مرحلة الشعور بالعزة و هذا الشعور يأتي كنتيجة حتمية لاعتقاد هذا الشعب بسمو فكرته و معتقداته و منظومة القيم التي تحكمه و التي تفوق في سموها جميع القيم و المعتقدات و المفاهيم الأخرى, بل قد لا يعطي هذه المفاهيم أهمية البتة ما دام يملك ما هو أسمى.. و هذا يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى تماسك أفكاره و صدقها و تطابقها مع الواقع و قدرتها على الإقناع ومدى اعتقاده فيها و حنكة مفكريه و قدرتهم على تشويه الخصم و أفكاره و معتقداته..
نخلص إلى القول بأنه متى توفرت لدى أي شعب من شعوب الدنيا منظومة فكرية تحتوي على فكرة سامية و اقتنع هذا الشعب بأنها أعظم فكرة على الإطلاق في تلك الفترة من الزمن و اقتنع بوجوب نشرها و التضحية في سبيل إيصالها إلى الشعوب الأخرى... عندها يبدأ ذلك الشعب بصفة تلقائية يسير رويدا رويدا نحو النهضة و من ثم تكوين حضارة متفوقة على ما عداها من الحضارات القائمة... و السبب في ذلك يعود إلى أن إدراك هدا الشعب لسمو فكرته و عالميتها يدفعه إلى البحث و التنقيب في كل المجالات الحياتية و العلمية لإثبات سمو فكرته عمليا للآخرين كي يعتنقوا مثله القيم التي يؤمن بها من جهة, و إقناع خصومه بتفاهتهم و محاولة " تقزيمهم" أمام عظمة فكرته و تكاملها و قدرتها على إسعاد الناس جميعا. كما تدفعه إمكانية مواجهة الخصم ماديا إلى الاعتناء بالمجال الاقتصادي و الصناعي و تكوين جيش قوي لمجابهة كل التحديات الممكنة و التي يمكن إن تهدد فكرته..
و هكذا تبدأ حضارة هذا الشعب صاحب الفكرة و المفاهيم السامية الجديدة في صعود, أما أصحاب الحضارات الأخرى, إن كانت هناك حضارة قائمة فإما أن ينظموا إلى أصحاب الحضارة الصاعدة و يعتنقوا فكرتها السامية و يساندوها و يدعموها بمعارفهم و بالتالي تصبح إنجازاتهم تنتمي إلى الحضارة الجديدة. و إما أن يتزعزع اعتقادهم في فكرتهم التي بنوا عليها حضارتهم, فيفتقدون بذلك الحماس القادر على تمكينهم من مواصلة الإبداع و بناء الحضارة, عند ذلك تبدأ حضارتهم في أفول مستمر... و تضعف قوتهم المادية و المعنوية شيئا فشيئا أمام القوة الصاعدة و الحضارة الجديدة. . كما يصبح الشعب صاحب الحضارة الآفلة مقلدا لظواهر و سلوكيات صاحب الحضارة الصاعدة, اعتقادا منه أن هذا التقليد قد يعيد فيه الحيوية من جديد – لكنه يبقى كالذي يريد أن ينجو من الغرق و ما هو بناج, لأنه كلما اغرق في التقليد ابتعد أكثر عن إمكانية الشعور بالعزة, فتتبعثر أموره و تتذبذب حاله و يصبح كالكلب إن تحمل عليه يلهث و إن لم تحمل عليه يلهث..
الخاتمة
ظل " المفكرون و زعماء الإصلاح " في البلاد الإسلامية يعتقدون طويلا بان الأنظمة و التشريعات السياسية والاجتماعية هي التي ستنهض أمتهم من كبوتهم, فاقتبسوا أنظمة الغرب و تشريعاته, لكن دون جدوى... و ما دروا انه على الرغم من تنوع الأنظمة و التشريعات قامت الحضارات العديدة في التاريخ الإنساني .
إن القوانين و التشريعات ما هي إلا شكل من أشكال التنظيم في المجتمعات البشرية و تنبع عادة من حاجيات هذه المجتمعات و طموحاتها و تنبثق عن منظوماتها القيمية و الفكرية ومفاهيمها عن الكون و الإنسان و الحياة .. و ليس هناك أي سند تاريخي أو واقعي يدل على أن الحضارة تبنى نتيجة لهذه القوانين و النظم و التشريعات و إنما هو التباس الأوضاع و ضبابية الرؤيا.
-----------------------------
المراجع
1* ( أمين) احمد: زعماء الإصلاح في العصر الحديث بيروت – دار الكتاب العربي 1979.
- ( شرابي) هشام: المثقفون العرب و الغرب بيروت – دار النهار 1973.
2* انظر كتاب الرحالون العرب و حضارة الغرب في النهضة العربية الحديثة د نازك سابايارد الطبعة الأولى 1979.
3 *نفس المرجع
4 *مستقبل الثقافة بمصر د طه حسين .
5 *الإسلام في مفترق الطرق تعريب عمر فروج .
6*راجع مثلا: دراسة في السيرة للدكتور عماد الدين خليل, مؤسسة الرسالة, الطبعة الخامسة 1981.
7* كارل ماركس" بيان الحزب الشيوعي"
8*(يكن) فتحي:كيف ندعو إلى الإسلام ص55
9*خفاجي المحامي (عبد الحليم ) حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون ص55
10*المرجع. العلمانية و انتشارها غربا و شرقا ,فتحي ألقاسمي – سلسلة موافقات –الدار التونسية للنشر – فيفري 1994)
11*فولغين( ف) فلسفة الأنوار- بيروت – دار الطليعة ط1981
12*يقول الله عز وجل : « الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور و الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون » - ( سورة البقرة الاية257 )
* و يقول فولتير احد زعماء التنوير الاروبي: إن محمدا ولد أميرا و استدعي لتسلم مقاليد الأمور عن طريق الناس له ... ولو انه وضع قوانين سليمة و دافع عن بلاده, لكان من الممكن احترامه و تبجيله و لكن عندما يقوم راعي ابل بثورة ويزعم انه كلم جبريل و انه تلقى هذا الكتاب غير المفهوم الذي تطالع في كل صفحة منه خرقا للتفكير المتزن حيث يقتل الرجال و يخطف النساء لحملهم على الإيمان بهذا الكتاب, مثل هذا السلوك لا يمكن أن يدافع عنه إنسان لم تكن الخرافات قد خنقت فيه نور الطبيعة. *و يقول ماركس:« إن كل دين ليس سوى الانعكاس الواهم في دماغ البشر للقوى الطبيعية التي تسيطر على وجودهم اليومي»
تعليقات
إرسال تعليق
بعث دولة التوحيد في العالم الإسلامي
هي الرد الوحيد على كل أعداء الإسلام ؟
إن دولة التوحيد وحدها القادرة على رد كيد الأعداء في نحورهم و قتل اليهود المجرمين و الصهاينة المعتدين - أعداء الإنسانية - و ليس تركيا أو إيران أو حماس أو القاعدة ... أو الحكومات العربية المتخلفة...؟؟؟ لأن جميع هؤلاء "علمانيون قطريون" لا تحكم أفعالهم آيات القرآن الكريم و قوانينه الفطرية المجسدة لكل تطلعات الإنسانية في الأخوة و التضامن و التعاون .. و الإنتصار للحق ؟؟
لا حل لنصرة المسلمين و المسلمات و المستضعفين في الأرض و وراثة الأرض ... و التمكين لشريعة الله في الأرض و تحقيق السعادة و الإستقرار في الدنيا و نيل رضوان الله في الآخرة ... ؟ إلا بالسعي الجاد لإقامة دولة التوحيد، المشكلة من" الولايات الإسلامية المتحدة" و تطبيق قوانين القرآن ... في جميع مجالات الحياة ....؟
فأين أنتم يا جنود الله – جنود الإسلام – في تونس و في العالم ... لأخذ المبادرة من حكومات عربية لقيطة جعلت شعوبنا الإسلامية نهبا لكل من هب و دب ..؟
راجع تفصيل ذلك في :
Islam3mille.blogspot.com
http://www.elaphblog.com/islam3000
http://www.elaphblog.com/daawatalhak
http://www.elaphblog.com/islamonegod
http://as7ab.maktoob.com/welcome.htm