مقالات صحفية
مقالات صحفية
محمد سالم بن عمر
محمد سالم بن عمر
Mohamedsalembenamor21@yahoo.fr
http:islam3mille.blogspot.com
86، حي الليمون ، منزل بورقيبة 7050 / ص.ب :260 ولاية بنزرت – الجمهورية التونسية .
الهاتف : 23038163 (00216)
محمد سالم بن عمر، كاتب و ناقد تونسي ، عضو باتحاد الكتاب التونسيين .
أصيل سيدي بوعلي ولاية سوسة، متزوج و له شيماء و نصير الله.
متحصل على شهادة الأستاذية في التنشيط الثقافي منذ 1992، وقد عمل مديرا لدور الثقافة بتونس.
له مساهمات عديدة في النقد و الإبداع و المقال الفكري\ الحضاري...
صدر له كتاب:" اللسان العربي و تحديات التخلف الحضاري في الوطن العربي الإسلامي عام 1995"
كما صدر له كتاب : " نقد الإستبداد الشرقي عند الكواكبي و أثر التنوير فيه عام 2009 "
و قد نشرت له جل الصحف و المجلات الوطنية مقالات فكرية و نقدية و قصص قصيرة وقصائد .. كما نشرت له بعض المجلات و الصحف العربية .. مقالات فكرية وحضارية..
له مخطوطات عديدة أهمها :
ذكريات زمن مضى (رواية) * نحو إعادة تشكيل الفكر العربي الإسلامي في العصر الحديث ﴿مقالات فكرية / حضارية﴾ ...
الإعلام العربي
وتكريس واقع التخلف
لشدّ ما تقلقني تلك التحاليل التي ترجع كل مآسينا الحضارية كالقهر والتسلط وهيمنة الخطاب الواحد على وسائل إعلامنا العربية إلى عنصر واحد أو فرد واحد ألا وهو القائد أو الزعيم.
وسبب قلقي ان مثل هذه التحاليل من شأنها أن تغطي على مواطن الخلل في مجتمعنا ولا تعالجها بكيفية ناجعة، لآن شرط العلاج الصحيح هو التشخيص السليم والشامل لأسباب الخلل، إذ لا يعقل مثلا الزعم بأن التخلف الذي يهيمن على وسائل الاتصال عندنا مرده الولاء لقائد سياسي أو لنظام حُكم معين، فالقائد السياسي لا يزيد عن كونه يمثل رمزا لقوى اقتصادية واجتماعية وسياسية تختفي وراءه هذه القوى حتى لا يطالها النقد والتجريح. لذلك فهي في سعي دائب لتكريس واقع التخلف باحتكارها لوسائل الاتصال الجماهيرية، حتى لا توظف هذه الوسائل في توعية أفراد الأمة بحقوقهم في الانتفاع بثروات الوطن، ومشاركة هذه الشرذمة في الثروات والخيرات التي اغتصبوها ظلما وعدوانا من عرق جبين الأمة. وخير وسيلة تتبعها هذه الشرذمة تتمثل في صناعة "صنم بشري" تضعه في الواجهة لتحقيق مآربها. وتحيك حوله الأساطير وتنشط في تزييف الحقائق لإقناع الناس بضرورة الصبر لأن القائد الأوحد/ الصنم بصدد حل جميع مشكلاتهم، وهكذا يخلقون الأمل الزائف تلو الأمل ليبقى الناس يتضورون جوعا وفقرا وبطالة وقهرا ومرضا صابرين وهم في شوق ليوم قادم لن يأتي أبدا.
إن هذه القوى المحتكرة لثروات الأمة لا يمكنها أن تعيش إلا في ظل واقع مريض يوفر لها أسباب الاستمرار في احتكار الثروة والمسؤولية. والشرط الأساسي لاستمرار هذا المرض يتمثل في احتكار وسائل الاتصال الجماهيرية لأن انفلات هذه الوسائل من أيدي هؤلاء المحتكرين يعني بروز رجال صادقين ينصحون الأمة ويكشفون الزيف والنفاق ويحاربون الظلم والاحتكار وهذا من شأنه أن يفقد هؤلاء هيبتهم المصطنعة وثروتهم التي بنوها على جماجم الفقراء والمضطهدين.
الأنظمة الحاكمة لبلاد العرب والمسلمين
برهنت أنها وريثة للاستعمار الغربي
لعل ابرز انجازات انتفاضة الشعب الفلسطيني الثانية ضد الاحتلال الصهيوني هي أنها كشفت –بما لا يدع مجالا للشك- سبب تخلف وانحطاط أمتنا الإسلامية "خير أمة أخرجت للناس" في العصر الحديث، فهذه الأمة العظيمة قد ابتلاها الله بأنظمة حكم فاسدة جعلت همها الرئيس تكبيل أفراد الأمة ومنعهم من انجاز أي عمل حضاري من شانه أن يعيد للأمة القوة والازدهار، حتى تتمكن من أداء المهمة المناطة بعهدتها... وهي: "الشهادة على الناس وقيادة مسيرة الشعوب نحو التآخي والتعارف والرحمة و الحياة الحقة.. تبعا لقوله تعالى: "و كذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على الناس.."، وقوله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه و سلم "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"...
لقد برهنت الأنظمة الحاكمة لبلاد العرب والمسلمين أنها وريثة للاستعمار الغربي.. وإن الغرب الاستعماري قد بوأها مكانته إبان استعماره المباشر لديارنا، حتى تنجز المهمة التي من اجلها استعمر ديارنا.. والمتمثلة أساسا في نهب ثرواتنا والخيرات التي رزقنا الله.. وتكبيل القوى الحية للمجتمع لإدامة تخلفنا وتبعيتنا المهينة للمستعمر الغربي... وبذلك تتحقق مقولة "السيادة والعبودية"..فهم"السادة" ونحن "العبيد" كأننا ما خلقنا إلا لتحقيق سيادة الرجل الغربي والسهر على رفاهيته.. وهكذا تصبح رفاهية الغرب الاستعماري لا تتحقق إلا بفقرنا نحن وفقرنا هو وليد رفاهية الغرب الناهب لثرواتنا و المهيمن على قادتنا أعانهم الله...؟!
لقد مثلت الحركة الإسلامية الفلسطينية طلائع هذه الأمة المجاهدة.. فكان لابد من "تأديبها" بل تصفيتها.. فأوكلت هذه المهمة القذرة لقاعدة الاستعمار الأولى المتمثلة في الكيان الصهيوني اللقيط...
وقد سانده في هذه المهمة القذرة نُظُمٌ أغلقت الحدود أمام شرفاء الأمة والتنكيل بكل من سوّلت له نفسه دعم طلائع هذه الأمة المجاهدة و المتمثلة في الحركة الإسلامية الفلسطينية المجاهدة.
فالغرب الاستعماري تفتقت ذهنيته الإجرامية إبان استعماره لديارنا على زرع غدّة سرطانية في قلب الأمة وأمدها بالمال والسلاح وكافة أنواع الدّعم... وساند مجموعة أشربت ثقافته وفلسفته للكون و الإنسان والحياة، تولت الحكم وتسيير بقية أعضاء هذه الأمة.. مما حكم على جسد الأمة بالمرض والهزال والتخلف..
لذلك لا يمكن الحديث عن زوال هذه الغدة السرطانية وهي الكيان الصهيوني اللقيط المنغرس في قلب أمتنا إلا بزوال أنظمة فاسدة لا ترى مانعا من التوحد مع هذه الغدة السرطانية.. وهي أولى الخطوات لتحرير أمتنا من براثن التخلف والاستعمار والنهب وعودة أمتنا للفعل الحضاري وقيادة الشعوب لما فيه خيري الدنيا والآخرة ورحمة الله.
حياة أنعام!؟
يمكن بسهولة أن نلاحظ أن جل ما صار ينجز في وطننا العربي يصب في اتجاه واحد، ألا وهو تهيئة الناس في وطني وتشكيلهم ماديا وفكريا لخدمة الإنسان الغربي وضمان رفاهيته ومتعته، فلا الأرض بقيت أرضنا ولا الثروات عادت إلينا منافعها ولا الإنسان تحرر ليكون سيد نفسه دون وصاية، فهم السادة ونحن العبيد فوق أرضنا، ورضاهم عنّا غاية ما نطمح إليه ونطلبه، شواطئنا ننظفها ونتعهدها ليرضى عنا السائح الغربي، خيراتنا ننتقيها ونقطفها لترسل إلى بلاد الغرب، وأماكن اقامته، بناتنا، نساؤنا نعريهن، حتى صرن كاسيات عاريات، مشاغبات لمواكبة تقليعات السيدة الغربية، مشاريعنا ننجزها حتى نكون أهلا لمشاركة السيد الغربي فتات موائده، أينما وليت وجهك لمحت سعيا لإرضاء الغرب أو مشاركته أو اللحاق بركبه الحضاري والعلمي، فقدنا كل شيء ولم نملك أي شيء!
ومنذ خروج المستعمر الغربي من ديارنا عملت بعض القوى الاجتماعية التي خلفته على إذلال المواطن العربي وإخضاعه وتهيئته لتقبل النهب والاستغلال... وقد استطاعت هذه القوى جمع ثروات طائلة بفضل ما نهبته وسرقته من عرق جبين العمال ظلما واعتسافا، ونتيجة لما يلقونه من حماية ظلموا الناس وأذلوهم واغتصبوا حقوقهم وأكلوا أرزاقهم حتى تنكسر شوكة هؤلاء العمال فيكثر أنينهم وتستفحل أسقامهم، فيعجزون عن مقاومة الاستغلال والظلم المسلط عليهم.
لقد توهمنا أن خروج المستعمر الغربي من ديارنا سيمكننا من التحرر وتحقيق سيادتنا، فإذا الواقع يلطمنا بشدة وعنف وينزع عنا هذا الوهم! إي مهزلة صرنا نعيشها في بلادنا العربية؟ الناس صاروا يكرعون من المذلة والهوان أصنافا، لا أحد راض عن حاله، الكل يشكو والكل يتألم في صمت، والكل صار يعيش ليأكل ويلبس، والسعيد السعيد من صار له مرتب شهري يفي له بحاجياته اليومية، وبدون أي حرج أقدم بعض ضعاف النفوس على بيع اعز ما يملكون من عزة وكرامة ليحصلوا على كفايتهم من المأكل والملبس، ولم يعد يهمهم ما ينجزونه في حياتهم في سبيل تقدم وطنهم وازدهاره لأنهم يحسون أن الوطن لم يعد وطنهم ولا الأرض أرضهم، ولا من يحكمونهم من بني جلدتهم بل هم ألدّ أعدائهم وسبب تعاستهم.
إن أول شروط الوعي المطلوب أن يضع الإنسان العربي في حسبانه أن هذه الأرض التي يرويها بعرق جبينه هي ملك له ولكافة أبناء وطنه ولا يحق لأي كان أن يحتكر ثروات هذا الوطن العزيز، فله الحق أن يحصل على نصيب وافر من ثروات بلاده الكثيرة المتنوعة، ولا أقل من أن يحصل على موازنة بين مجهوده في العمل وبين ما يقبضه من مقابل مادي بشرط أن يوفر له ولأسرته حياة كريمة حتى ينعم بخيرات هذا الوطن المعطاء، ويذود عنه ويحمي استقلاله إذا ما تكالب عليه الأعداء، أما أن يعيش عبدا طوال حياته، يتعب ويشقى ثم يعاني من ويلات الحرمان والخصاصة فهذا ما لا يرضاه أحد ولا حتى العبيد، فكيف بسيد على أرضه، وأرض أجداده ومستقبل أبنائه!؟
الأحزاب الدينية والمشهد السياسي في تونس
ردّا على ندوة: الأحزاب الدينية والمشهد السياسي الرّاهن / علمانيون وسلطة: تحالف ام تضاد؟!
ندوة فكرية عقدتها جامعة تونس للحزب الديمقراطي التقدمي يوم 7/12/2007.
مبلغ المنى في التوحد بين القول والفعل
يبدو لي أن كل ما ورد من أجوبة على الأسئلة المطروحة قد جانبت الحقائق التاريخية والواقع، فتونس قد صارت منارة إسلامية علمية وجهادية في كيان الأمة الإسلامية منذ الفتح الإسلامي لأفريقية سنة 27هـ/467م وما جامع عقبة والزيتونة وفتح إسبانيا على يد طارق بن زياد عنا ببعيد... أما ما يسمّى "بالاتجاه الإسلامي" فهو "نبت دخيل" على بلادنا ولا تربطه بمبادئ الإسلام كبير صلة إلا صلة الزي بصاحبه، لذلك كان هذا "الاتجاه" يغير من اتجاهاته وتوجهاته في كل آن وحين منذ أكثر من عقدين .. بينما مبادئ الإسلام ثابتة مكينة ثبات مسميات الأشياء وحقائقها في الكون والإنسان والحياة...
أما عن انقسام النخبة حول "منح حزب ديني رخصة العمل السياسي" فهو حق لمن لا يملكه ولا يمكن له أن يملكه، فصاحب الأمر والنهي قد أمر وأمره نافذ لا محالة طوعا أو كرها، وإنك يا قارئي لن تجد وسيلة إعلام واحدة في تونس أو في العالم لا تذكر بمبادئ الإسلام وشريعته المركونة في نفوس البشر جميعا... وما إذاعة القرآن عنا ببعيد.
أما القول بأن "الواقع لا يحتمل تطبيق الشريعة الإسلامية التي سنت قوانينها منذ 14 قرنا فهو قول مرفوض ومردود على صاحبه شكلا ومضمونا، أما الشكل فالشريعة قد سنت منذ خلق آدم وتعليمه "الأسماء كلها" وما بعثه محمد صلى الله عليه وسلم والمرسلين من قبله عليهم السلام إلا تذكيرا بها لا غير: "شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه..." (سورة الشورى الآية 13).
ولا أعتقد أن أي مبصر يجهل هذه الحقائق المكتوبة بين دفتي كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه منذ 14 قرنا. كما أن حدود الله وشريعته مطبقة تطبيقا في تونس وفي العالم كله منذ خلق الإنسان: "عصيان آدم لله في الجنة أنزله إلى دنيا التعب والكدح والشقاء، عصيان الله في الدنيا ينتج عنه حتما: المعيشة الضنك والتعب النفسي والبدني لكلٍّ حسب جريمته وظلمه وجهله... قاتل نفس بغير حق "يُقْتَلُ" ولو بعد حين...: "فرعون وجنده لما همّوا بقتل موسى ومن معه أهلكوا جميعا... الشيخ ياسين لما شجع على قتل الأبرياء قتِل... الزرقاوي.../ يوسف لما "همَّ" بإمرأة العزيز سجن بضع سنين.. "اللصوص قطعت أيديهم في الدولة الإسلامية... أو شلت أبدانهم في كل زمان ومكان أو ماتوا بأمراض مزمنة في قلوبهم وأدمغتهم... "شارون"... "ياسر عرفات"...إلخ.
لقد عبرت المعارضة عن تخوفها "من فكرة وجود حزب ديني سياسي" في تونس ودعت إلى "ضرورة التمييز بين حزب ديني سياسي وحزب سياسي ديني ورفض الخلط بين الوظيفة الدينية والوظيفة السياسية" فحققت السلطة المشرفة على أمن "المواطنين" المتخوفين من مجرد فكرة وجود حزب ديني رغبتهم "بالحضور المكثف للأمن السياسي"، ومنعت "المناضل الإسلامي" من حضور الندوة لأنه ببساطة ليس "قيادي حركة النهضة" كما صوب هو نفسه في جريدة (مواطنون بتاريخ 12/12/2007 ص5)، على عكس ما وهمت الجهة التي دعته لحضور حلقة النقاش.!
أما "النهضة" موضوع الحوار فقد حقق الله مسعى الخلّص من أبنائها في المساهمة في إنهاض المجتمع على يد قائد "التغيير" في نفس اليوم الذي فكر فيه الطامعون للانقضاض على السلطة تحت "غطاء الإسلام" الذي تزينت به ظاهرا وكفرت بشريعته حقا وواقعا حين غيرت إسمها وتلاعبت بثوابت الرحمان وأمضت على الميثاق الوطني. !!! ؟
مصطلحات مضللة
درجت جل صحفنا ومجلاتنا الوطنية والقومية على استعمال مصطلحات غريبة، منبتة عن قيمنا الحضارية، تؤذي الذوق العام وتساهم في تكريس مفاهيم يبتهج لسماعها العدو وتثلج صدره وتعينه على تعميق الهوة التي صارت سحيقة بين مفاهيمنا وقيمنا الحضارية وبين ما يظهر من استعمالات اصطلاحية في المراسلات والتحاليل السياسية خاصة. والخطورة تكمن في أن هذه المصطلحات وقع تبنيها من قبل صحف ومجلات جديرة بكل احترام، والتي أصبحت تعكس بحق ما يختلج في صدور أبناء هذه الأمة العظيمة، وسأضرب لذلك أمثلة وقع استعمالها مرات عدّة في صحفيتنا الغرّاء.
- "عملية انتحارية" تعبير تستعمله كل صحفنا تقريبا إثر كل عملية استشهادية يقوم بها أبناء الحركة الإسلامية في فلسطين، واستعمال هذا المفهوم يكشف عن غياب مفهوم الإسلام الذي يحرم الإنتحار وقتل النفس ويعتبره من الكبائر التي تحرم على مرتكبه دخول الجنة، أما الشهادة أو الاستشهاد –وهو ما يقوم به الإسلاميون في فلسطين ولبنان- وهو من أكبر القربات إلى الله لأنه ينفذ ويضحي بالنفس لإعلاء كلمة الله ونصرة الحق وكل القضايا العادلة، ومن استشهد في سبيل الله لإخراج العدو من أرض مغتصبة ونصرة المستضعفين في الأرض من الظلم المسلط عليهم فهو حي لا يموت بفعل حضوره الدّائم في الذاكرة الجماعية وتحفيزه لقوى الأمة على مزيد التضحية والنضال من أجل استرجاع حقوقها المغتصبة.
- "التطرف، الإرهاب، متشددين.." هذه تسميات تطلق على جميع الإسلاميين في العالم مهما اختلفت طرق عملهم وأساليبهم، ولا أعرف هاهو مرجعنا في هذه التسميات؟ هل هي مبادئ الإسلام وقيمه أو مبادئ الغرب وضلالاته! فالله قد خص هذه الأمة الإسلامية لتكون هي الشاهدة على الناس بحكم ما تملكه من قرآن كريم –ما فرط الله فيه من شيء- مما يكسبها القدرة على معرفة الحق من الباطل والغث من السمين والفصل في القضايا الخلافية، فالأمة الإسلامية هي امة وسط. إذا التزمت بتطبيق الإسلام –عادلة لا تبخس أبدا حقوق الآخرين-.
وها نحن ندرك اليوم الظلم والطغيان والقهر المسلط على جميع شعوب الأرض –بما فيها شعوب الغرب- في ظل هيمنة مقاييس الغرب وقيمه.. فهل يعقل بعد ذلك أن نعتمد مقاييس هذا الغرب في إطلاق تسميات غير محايدة بل متفجرة وتحمل طابع مفاهيم الغرب وتصنيفاته الظالمة!
بقي أن ألاحظ شيئا هاما جدا يخص تحليل الخبر وهو ما أسميه "بالمكيافيلية" في التحليل السياسي، كأن نعتبر مثلا إعلان دولة عربية عن عدم حضورها "قمة الدوحة الاقتصادية" أو غيرها عملا قوميا جليلا متناسين حقائق هذه الدولة التاريخية وعمالتها للصهيونية والامبريالية الأمريكية بشكل مؤكد دائم، فكيف نسمح لأنفسنا بإقناع القراء –الذين هم مسؤولية في رقابنا- أن مجرد الإعلان عن عدم الحضور للقمة يمثل حدثا بارزا يحسب لهذه الدولة أو تلك مما يوقعنا في التناقض والتحاليل القاصرة لنفاجأ بعد حين أن هذا الإعلان هو مجرد تكتيك سياسي وليس حقيقة قابلة للتطبيق! إن تاريخ الأفراد والدول له أهمية قصوى في تحديد صدق توجهاتهم المستقبلية. فقراءتنا لتاريخ الصهيونية والأسلوب الذي اتبعته لاغتصاب فلسطين من أهلها يجنبنا الوقوع في أحابيلها وإضاعة الوقت فيما لا فائدة فيه كأن نصدّق إمكانية إرجاعها الحقوق إلى أصحابها دون قتال كبير وجهاد متواصل!! فالمجرم يبقى مجرما حتى وإن لبس زي النساك والمتنسكين.
وعــي زائــف
من المخجل حقا أن يتصدّى لقيادة هذه الأمة العظيمة أشخاص لا يعرفون حقيقتها ولا يدركون عناصر القوة في هويتها الحضارية ولا أسباب الضعف فيها فيساهمون من غير قصد في تأييد تخلفنا وتبعيتنا المطلقة لعدو همه الوحيد إذلالنا والنكاية بنا واستغلال ثرواتنا والاستحواذ عليها.
إن من جملة ما ابتليت به هذه الأمة، تذبذب أبنائها المخلصين بين مناهج مختلفة ومتضاربة في تحليلهم لمجمل قضايانا الحيوية، أو غياب المفهوم الصحيح في أحايين كثيرة مما يوقعهم في غموض الفكرة وقصورها وهذا قد يوصلنا إلى التهلكة مكرهين. فهذا الكاتب يغيب عن ذهنه فكرة أن الشعب الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية ووحدة أهدافها وكل مل يمس الشعب الفلسطيني من قريب أو بعيد يهز كيان الأمة الإسلامية جميعا ويضربها في العمق بل ويفترض ان يهب كل أحزاب هذه الأمة –جيوشا وأفرادا- لنجدته إذا ما تعرض لسوء عملا بقوله عز وجل "ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون". إن الوعي الزائف الذي غرسه الاستعمار ولا يزال يقوم بغرسه عملاؤه وبقايا قوى الردة في بلادنا القائل بأن لكل شعب من شعوبنا شانه الخاص الذي يغنيه عن الالتفات لكل آلام الأمة الإسلامية لهو السبب المباشر في كل هزائمنا تقريبا، فهذا الشعور الزائف هو الذي أضعفنا ومكن قوى الاستكبار العالمي من الاستفراد بنا كل على حدة، "فالولايات المتحدة تحارب العراق لأنها ضامنة استفرادهم وإسرائيل تفتك بالفلسطينيين لأنها ضامنة استفرادهم... لم يحدث أن حارب أحد العرب كلهم" (المرجع: أ. طارق مصاورة في مقالة له بعنوان "بعد روس ستحل أولبرايت" "القدس العربي" عدد 2576).
أما من نصبوا أنفسهم الممثلين الشرعيين والوحيدين للشعب الفلسطيني فيتجاهلون أن كل الشعب الفلسطيني "بمتطرفيه ومعتدليه، بحمائمه وصقوره" تجب حمايتهم من العدو الصهيوني وحفظ أرواحهم وممتلكاتهم ولا يتذكرون هذه الحقيقة إلا تحت ظروف قاهرة ولأسباب تكتيكية بحتة!!؟
ولقد أصبح هم بعض قادتنا –حفظهم الله- محاربة شعوبهم ورعاياهم تحت لافتات التطرف والإرهاب أو باسم الديمقراطية التي أشربوها فعرفوا أن بعض مواطنيهم لا ينتمون إلى عالم البشر بل وصاروا يرددون مصطلحات اختلقها أعداؤنا لمحاصرة أي شعلة نور يمكن أن تبزغ في سماء هذه الأمة العظيمة التي ابتعثها الله لتكون رحمة للعالمين.
خطاب إلى الهاربين من ديارهم!
هذا خطاب أردت أن أوجهه إلى إخواني المغتربين من النخبة المثقفة، والتي تملأ كتاباتها الصحف والمجلات التي تصدر هناك وعلى رأسها صحيفة "القدس العربي" الغراء.
ما يمكن ملاحظته بادئ ذي بدء أن هذه النخبة المحترمة تعالج في جلها قضايا نظرية لا تمت بكبير صلة إلى واقع المواطن العربي، ذاك المواطن المسحوق في بلده والذي يعاني من الذل ألوانا، ومن الاضطهاد أصنافا بل يقتل في اليوم الواحد ألف مرّة، فهل يعتقد هؤلاء المغتربون المساكين أنهم بتلك المقالات والكتابات المنددة بالسلطان في ديارهم التي هربوا منها سيحلون مشكلات وطنهم ويخلصونه من الذل والمهانة والتخلف الحضاري والاستبداد الاجتماعي؟! وهل يعتقدون حقا أنهم سيحررون أوطانهم بمقالات نارية متشنجة تتوهم الثورة والتغيير؟! إن هؤلاء يعتبرون نكرة بالنسبة إلى أوطانهم فهل يحسبون الناس يتأثرون بنكرة تفتقد إلى رؤى واضحة في مجمل مشكلات أوطانهم! وهل يعقل أن يقدر على التغيير من عجز عن تغيير نفسه؟! إن البداهة تقول "فاقد الشيء لا يعطيه".
لقد فكر هؤلاء "المغتربون" في مصالحهم الخاصة لما هربوا من أوطانهم وتركوها لقمة سائغة في أياد غير أمينة تتعيش على بيع الأوطان وإذلال الإنسان وسحقه إذ لو صدق هؤلاء المغتربون الهاربون لبقوا في أوطانهم يجاهدون بأموالهم وأنفسهم وفكرهم في سبيل تحرير الإنسان العربي من الذل والعبودية وتقديم القدوة في النضال والصمود ولتعاونوا مع أشراف هذه الأمة من مثقفين وحكام ومسؤولين لرفعة وطنهم وتقدمه وازدهاره. ان هروب هؤلاء يجعلهم عرضة للنقمة والكراهية من قبل أحرار هذه الأمة وكل الفئات المسحوقة والمحرومة في هذا الوطن العزيز، لأنهم فكروا في الخلاص الفردي ولم يفكروا حقيقة في خلاص وطنهم وشعبهم.
ولعل المبكي المضحك في حالة هؤلاء الفارين التجاءهم إلى بلدان غربية كبريطانيا وأمريكا ساهمت ولا تزال تساهم –وهم يعلمون ذلك جيدا- في الإبقاء على الأنظمة التي يزعمون أنهم يحاربونها ويلقون عليها اللوم لتكريسها التخلف والاضطهاد! بل أن بريطانيا هي التي مكنت للصهيونية العالمية من إحتلال فلسطين وتشريد أهلها... وأمريكا نفسها أصبحت متصهينة أكثر من الصهاينة أنفسهم بما تقدمه لهم من دعم لإذلال العرب فاق كل التصورات.. فهل يعقل بعد ذلك أن نصدق هؤلاء الفارين إلى بلاد الغرب أنهم يناضلون ضد الصهيونية وضد التخلف والاستبداد؟!
وختاما أنصح هؤلاء بالرجوع إلى أوطانهم فالموت في الوطن أكرم لهم من التسكع في شوارع الغرب وحاناته!
بقايا الإستعمار
منذ انجلاء الاستعمار العسكري الغربي عن أرض العروبة والإسلام نشطت قوى الردة من بقايا هذا الإستعمار بكثافة لضرب مقومات أمتنا وتقزيمها وطمس هويتها الحضارية وتكريس واقع التخلف و"حياة الأنعام" لدى المواطن العربي وكل ما من شأنه أن يؤبد تبعيتنا الحضارية واستكانتنا للعبودية والانحطاط ومن ثمة يسهل إلحاق هذه الأمة العظيمة ذليلة محطمة بمصاصي دماء الشعوب.
وقد تنوعت أنشطة هذه القوى حتى شملت كافة الميادين المؤثرة تقريبا، وسأكتفي بذكر بعض النماذج من التخريب الذي أحدثته قوى الردة في تونس.
ففي ميدان الشاشة الصغيرة نجد عديد المسلسلات التي تكرس العقلية الخرافية لدى المواطن وتقترح عليه حلولا وهمية للمشكلات الكثيرة التي يعاني منها كمشكلة الفقر والبطالة فتحلها له هذه المسلسلات بالعثور المفاجئ على كنز مدفون، أو أن يمن عليه الملك بثروة تقلب حياته، أو يزوجه إبنته الوحيدة فيصبح ذلك الفقير المعدم وزيرا يتكلم فيطاع... وجماع هذه المسلسلات نجدها في حكايات "عبد العزيز العروي" الذي لا تزال حكاياته تبث ويعاد بثها المرات العديدة منذ حصول تونس على استقلالها وإلى اليوم.
ولمحاربة فكرة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" نجد مسلسلات يعاد بثها باستمرار حتى ترسخ في وعي المواطن، من قبيل "مسلسل الحاج كلوف" تنفر الناس من التدخل في شؤون أفراد المجتمع وتصور الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر "بهلوانيا" لا يجلب سوى الاشمئزاز أو الضحكة، وقد صارت المقولة السائدة عندنا في تونس "الحاج كلوف يستاهل عشرة كفوف" (أي عشرة صفعات).
وفي السنوات الأخيرة لم يعد هم السينما التونسية سوى محاربة القيم العربية الأصيلة، ورسم ملامح حضارية لا تمت لقيمنا بصلة فيصبح المجتمع في شريط "عصفور السطح" لفريد بوغدير لا يعرف أفراده سوى الجري وراء تلبية غرائزهم الجنسية الملتهبة بكل السبل وتتحول المرأة إلى جسد عار لا يعرف الاحتشام إليها سبيلا، بل وتصبح الفتاة التونسية في شريط "صيف حلق الوادي" تلهث وراء من يَفُض لها بكارتها متحدية جميع القيم ولا يهمها من يكون خدينها يهوديا أو نصرانيا أو "مسلما"!
ويتحرر المجتمع من كل ثوابته وقيمه فيغلب على الأفراد شرب الخمرة والتسكع في الشوارع ومراودة الفتيات واختلاط الحابل بالنابل في مناسبات الفرح واتخاذ العشاق وبيع الذمم وتفضيل معاشرة الأسر اليهودية والمسيحية والتماهي كلية مع تقاليد المجتمع الغربي والولاء لكل ماهو غربي وكل ذلك رمز على تقدم الوطن وتحرره!!؟
وقد ارتفعت في مجال العمران – النزل السياحية والبنوك عاليا في سماء مدننا وقرانا لتأخذ بذلك مكان الصومعة والمسجد، وكل ذلك من شأنه أن يعطي انطباعا عاما بأن الرفعة والولاء قد تحول من الولاء لله ولدينه ولقرآنه ليصبح الولاء "للدينار وللغرب"، وقد صارت البيوت والمنازل عورة،وتبنى بطريقة لا يراعى فيها الحياء ولا أسرار الناس وبيوتهم ولا كون المرأة عرضا يجب أن يحفظ ويصان.
أما اللغة الفصحى فهناك من أصبح يتمعش بمحاربتها ويزعم أن اللهجة الدارجة المحلية أفضل وأنجع من لغة القرآن، اللغة التي كتب بها الجاحظ والمعري وابن سينا وابن خلدون...وغيرهم من جهابذة الحضارة الإسلامية، ولسان حاله يقول بفجاجة: "من أراد التقدم والرقي واللحاق بركب الحضارة الغربية فلايتكلم العربية الفصحى!" وقد صدرت حتى الآن – على حد علمي- صحيفتان أسبوعيتان ناطقتان كليا أو جزئيا باللهجة الدارجة وهما "الصريح" و"الأخبار" وقد صرح رئيس تحرير "الأخبار" في المدة الأخيرة على الهوائية (قناة تونس7) بأن اللغة الفصحى قد صارت في العصر الحديث عاجزة عن التعبير عن كل مشاغل الإنسان! وهنا يتبادر إلى الذهن، أي علم سنكتبه بلهجات تفتقد إلى المصطلحات العلمية والأدبية التي تشتمل عليها اللغة الفصحى بالإضافة إلى اختلاف هذه اللهجات من بلد إلى آخر، كما تختلف في البلد الواحد باختلاف مناطقه وأجيال أبنائه!! لقد استنبطت الشعوب هذه اللهجات الدارجة لتيسير التعامل اليومي فيما بين أفرادها وقضاء الحاجات اليومية البسيطة فكيف نسمح باتخاذها بديلا عن اللغة الفصحى للتعبير عن حضارتنا وإبداعاتنا وابتكاراتنا؟! وإني أتحدى كل من تحدثه نفسه باتخاذ اللهجات الدارجة أن يكتب مقالا بلهجة دارجة عن نظرية ابن خلدون مثلا في علم العمران البشري أو ابن سينا والرازي في الطب أو غيرهما من النظريات العلمية أو الأدبية!!
هذا بعض ما فعلته قوى الردة في تونس العزيزة ولا تزال تخطط وتجتهد وتتحرك في كل المجالات الثقافية والتعليمية والسياسية لتكريس واقع جديد يقضي على ما تبقى من هوية هذه الأمة لتقضي بذلك على أي أمل يمكن أن يراود هذه الأمة للنهوض مرة أخرى والتحرر من براثن الاستعمار والتخلف.
إِنَهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارَ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبَ
ردا على الدكتور محمد عمارة :
طالعت في مجلة المنهل الغراء العدد (608) شهر سبتمبر /أكتوبر 2007 حوارا مع الدكتور محمد عمارة تحت عنوان :"الهيمنة الغربية تصنع أمراضنا..ويسعدني أن أبدي الملاحظات التالية بخصوص بعض المعاني والمفاهيم التي أبداها الدكتور فيما يخص أسئلة المجلة.
المنهل: يتحدث البعض عن موت الأمة الإسلامية، ترى ما مفهوم الأمة.. وما مقومات وجودها؟
يحدد الدكتور محمد عمارة مفهوم "الأمة" فيقول:"المسلمون أمة بمعنى جماعة.. تربطها وتجمع بينها وتوحدها عقيدة واحدة، وشريعة واحدة، حضارة واحدة..وهناك عنصر آخر هو دار الإسلام أو الوطن، هذه ثلاثة جوامع..على أساسها تكونت أمة إسلامية..وهي لا تزال موجودة إلى الآن بكل مكوناتها ومظاهرها منذ أن كونها الإسلام...
يلاحظ بادئ ذي بدء أن هناك خلطا في ذهن الدكتور محمد عمارة بين مفهوم الأمة ومقوماتها وبين حضارة الأمة وإبداعاتها، فالإسلام بما هو "دين الله وشريعته" قد دعا على لسان كل الأنبياء والمرسلين عليهم السلام إلى عبادة الله وحده دون شريك وإفراده بالطاعة والخضوع :"اعُبُدُوا الله مَا لَكُم مِنْ إِلاَهً غَيْرَهُ" وقد لبث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (13) سنة كاملة يدعو قومه إلى وحدانية الله وإفراده بالربوبية والطاعة وكانت المحصلة (86) سورة مكية لغرس عقيدة التوحيد في نفوس المؤمنين بالله حتى إذا ما تم له ذلك كوّن عليه السلام "امة إسلامية" بالمدينة يتبع أفرادها الشريعة الإسلامية في علاقات بعضهم ببعض في جميع ميادين الحياة حتى كانت المحصلة (28) سورة مدنية محدّدة وضابطة لشريعة "الأمة الإسلامية" وبذلك يكون مفهوم الأمة في الإسلام يعني:"مؤمنون بالله ربا وخالقا وهاديا ومشرعا واحدا لا شريك له، تصطبغ كل مفاهيمهم عن الكون والإنسان والحياة بصبغة مفاهيم القرآن المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم".
فالأمة الإسلامية كائن حيّ فاعل ومنتج يشبه إلى حدّ بعيد الشجرة المباركة الطيبة أصلها ثابت لا يتغير (وحدانية الله وربوبيته ) وفرعها في السماء (الشريعة المنبثقة عن الله وكلماته) تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها (إنتاج الحضارة والمدنية).
إن حضارة الأمة الإسلامية هي نتاج مقوماتها الربانية الثابتة وليس جزءا من الشريعة أو العقيدة، فالعقيدة والشريعة الإسلامية قد اكتملت معالمها منذ اكتمال نزول الوحي"اليَومَ أَكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمْ الإسْلاَمَ دِينًا " (المائدة الآية 3) وتتلخص في "آمَنَ الرَسُولُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِهِ والمُؤْمِنُونَ كُلٌَ أمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبَهُ وَرُسُلَهَ لاَ نُفَرِقُ بَينَ أحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ" (البقرة الآية 285). وهي ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان لدى كل من أسلم وجهه للحي القيوم ومعلومة علما يقينيا كي "يخضع المؤمن لضوابطها ومعانيها بملء إرادته.." أما الحضارة فهي متغيرة ومتطورة لأنّها نتاج الأمة الإسلامية عبر مختلف العصور وما أبدعه بنوها في مختلف ميادين العمران البشري كالطب والجراحة والهندسة والفلاحة وعلم التاريخ والجغرافيا وتكنولوجيا الإتصال والتعليم والحرب..كما أن الحضارة تأتي نتيجة تراكمات معرفية وتجريبية وإنسانية في مختلف ميادين الحياة والعيش وتفاعل الإنسان مع مختلف العوالم المخلوقة لله ربّ العالمين. كما أنها قاسم مشترك بين كل البشر مهما كانت أديانهم وشرائعهم.
إن من بديهيات معنى توحيد الله أن يحيا الإنسان المؤمن والأمة المسلمة في أرض الله وتنتظم حياتهم في الأسرة والمجتمع طبقا لما يرضى الله. وما يرضي الله مفصّل في كتاب الله تفصيلا بينا، والتعامي على هذه الحقيقة تحول الإنسان مهما علا شأنه إلى أعمى لا يبصر وأصم لا يسمع وجاهل لا يعلم من حقائق الحياة شيئا.. فيعيش الإنسان في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها وإن رآها يراها على غير حقيقتها، فتدلهم السبل أمامه وتقلب كل مفاهيم الحياة في ذهنه رأسا على عقب، ولا عجب بعد ذلك أن يرى مؤلف أكثر من 200 كتاب في فكر التجديد أن الأمة الإسلامية التي كونها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لا تزال "إلى الآن موجودة بكل مكوناتها ومظاهرها"! ! ؟؟
لقد أقام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سلطته على أرض المدينة المنورة/ أرض أنصار الله التي آمن جل سكانها بوحدانية الله خالق الكون والإنسان والحياة.. كما آمنوا بربوبية الله للمجتمع المسلم فهو المشرع الوحيد وهو مدبر الأمر كله وهو الحاكم لا معقب لحكمه وقد خلع المسلمون عنهم آنذاك رداء الجاهلية عقيدة وأخلاقا وعادات ومعاملات.. وقالوا لخالقهم ومدبر أمرهم بإيمان ويقين "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرَ" وكانوا "يوفون بالنذر" و"يُؤْثِرُونَ عَلىَ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٍ" مما شكل منهم "خَيْرُ أُمَةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" "تَأمُرُ بِالمَعْرُوفِ المُفَصَلِ فِي الذِكْرِ الحَكِيمِ وتنْهَى عَنْ المُنْكَرِ المذكور في القرآن وتؤمن بالله ربّ كل شيء الذي أمرها بالجهاد في سبيل إيصال كلماته وبصائره للناس كافة ومن ثم وراثة الأرض/كل الأرض التي وعدها الله عباده المتقين /الصالحين.
فالوطن لم يشكل في أي يوم جامع من جوامع الإسلام كما يزعم الدكتور محمد عمارة وإلا لما وصلت تعاليم الإسلام مصر أو شمال إفريقيا ..أو غيرها فالأرض في المفهوم الإسلامي كلها لله عزّ وجلّ وهي وقف على عباده الصالحين الذين يحتكمون إلى شرع الله عزّ وجلّ في كل صغيرة وكبيرة.. والأمة الإسلامية مطالبة _ إذا ما وجدت _ بالجهاد والقتال في سبيل الله حتى يكون الدين كله لله وتعم شريعته ورحمته أرض الله كلها.
إن العمى الفكري وغياب البصيرة القرآنية جعل الدكتور محمد عمارة يرى "أن الاختلاف سنة من سنن الله سبحانه وتعالى" وأن الأمة الإسلامية فيها "تنوع ديني.. شرائع وملل.." وكما ألمحتُ من قبل فإن شريعة الله واحدة لا تتغير ولا تتبدل لأنها مبنية على حقائق الكون والإنسان والحياة والحقائق لا تتغير ولا تتبدل "أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَطِيفُ الخَبِيرُ"
لقد علّم الله آدم الأسماء كلها وحقائق الأشياء ومعانيها وشرّع لأمة الإسلام ما وصى به كلّ الأنبياء عليهم السلام "شَرّعَ لَكُمْ مِنْ الدِينِ مَا وَصَى به نُوحًا وَالذِينَ أَوْحَينا إليكَ وَمَا وَصَيْنَا به إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أقٍيمُوا الدِيْنَ وَلاَ تتََفَرَقُوا فِيهِ"(سورة الشورى الآية 13).
إن أوامر الله ونواهيه ثابتة لا تتبدل ولا تتغير وبالتالي ليس هناك إمكانية للإجتهاد في الدين لأن الاجتهاد معناه استنباط أحكام جديدة تختلف باختلاف المجتهد كما أن الاجتهاد معناه الطعن في قول الله عزّ وجلّ "وَنَزَلْنَا عَليك الكِتًابَ تِبْيَانًا لِكُلِ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةٍ وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" (سورة النحل الآية 89) وقوله عز وجل "وَمَا اخْتِلَفُتُمْ فِيهِ مِنْ شَيءٍ فَحُكْمُهُ إلىَ الله" (سورة الشورى الآية10 ) فالحلال بين والحرام بين ولا يعد الله إلا بما شرّع. واجتهاد الإنسان المؤمن يجب أن يقتصر على ما من شأنه أن يرتقي بنوعية حياته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية... كاستنباط طرق ووسائل حديثة ومتطورة في ميدان الفلاحة والصناعة وتيسير تنقل الإنسان والمعرفة... وإحداث وسائل جديدة لطلب العلم والمعرفة...
ما سئل رسول الله (ص) في أمر يهمّ عقيدة المسلمين وشريعتهم في الأسرة والمجتمع والحياة إلا وكانت الإجابة قاطعة من الله عزّ وجلّ: "يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ" (النساء الآية 176) "وَيَسْتَفْْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللهُُ يُفْتِيكُمْ فِيهُنَّ" (النساء 127) "قُلْ لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنَ اللهِ وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ ولاَ أقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إَنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى والبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ" (الأنعام 50) "اتّبِعْ ما أُوحِيَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لاَ إلاَهَ إلاَّ هُوَ وأعْرَضْ عَنِ المُشْرِكِينَ" (الأنعام 106)،
فإذا كان الأنبياء عليهم السّلام مأمورون بإتباع الوحي وعدم أعمال العقل في أي مسالة تخصّ حياة المؤمنين لأنّ كتاب الله قد فصل القول في كلّ صغيرة وكبيرة.. فإنّ ألأوْلى بالمؤمنين عدم الاجتهاد في
أي مسالة تخصّ حياة المؤمنين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مادام كتاب الله قد فصل فيها القول تفصيلا...
لقد كان لهذه الفكرة الخاطئة "الاجتهاد في الدين" دور أساسي في ظهور الفرق والطوائف الدينية عبر مختلف أحقاب التاريخ الإسلامي... وقد ساهمت هذه الفكرة في تمزيق وحدة الأمة الإسلامية وتشرذمها إلى ملل ونحل متقاتلة.. متعادية مما حول "أمة الإسلام" إلى لقمة سائغة بيد "المغول والمستكبرين في الأرض" قديما وحديثا.
إن الأمة التي يدعو إليها الدكتور محمد عمارة أمة قد تبرأ منها الرسول الكريم وكل الأنبياء من قبله :"إِنَ الذِينَ فَرّقوُا دِينَهُم وَكَانُوا شِيعًا لَسْتُ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إلَى اللهِ ثُّمَ يُنْبِؤُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"(الأنبياء الآية 159)
أخرجت معصية واحدة أبانا أدام من الجنة، فما بالك بمن يقدمون للناس مفاهيم مغايرة تماما لما قد فصّله الله في كتابه العزيز في آيات بيّنات لا يخطئ إدراكها وفهم معانيها من خلص عمله لله رب العالمين : إن مخالفة المعاني الواردة في كتاب الله قد أنتج "أُمَةٌ ميتة مزقوها إربا إربا باجتهادات ضالة عن هداية الله وأمة مزقوا وحدتها حتى صارت تحارب بعضها بعضا.. أمة حُرُماتها قد انتهكت من قبل أبنائها..أمة انتهكت حرماتها من قبل مفكرين صمّ بكم عمي شرّعوا للعصبيات والقوميات.. خلعوا لباس الإسلام على حُكّام لا يحكمون بما أنزل الله.. شرّعوا للعنف والقتل بدعوى "الجهاد" شرعوا للاصطفاف وراء ظلمة لشعوبهم.. خاضعين تابعين للهيمنة الغربية.. فهل يطمع أي مسلم صادق بأن يكون مفكرا مسلما دون تقصّي مفاهيم القرآن وإتباع مفاهيمه في كل صغيرة وكبيرة خاصة وأن الله قد أخبر المؤمن أنه "مَا فَرَطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيءٍ" و"كُلَ شَيءٍ فََصَلْنَاهُ تَفْصِيلاً"
"وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَلْنَاهُ عَلَى عِلْمِ هُدًى وَرَحْمَةٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُوُنَ" (الأعراف الآية 52).
لغتنا الفصحى ... واقع و آفاق !
في وطننا العربي هناك من يتمعش بهويتنا الحضارية ، يغامر بلغتنا العربية ، يزعم بأن اللهجة الدارجة المحلية أفضل و أنجع من لغة القرآن ، اللغة التي كتب بها الجاحظ و المعري وابن سينا وابن خلدون ... و غيرهم من جهابذة الحضارة الإسلامية و لسان حاله يقول بفجاجة : " من أراد التقدم و الرقي و اللحاق بركب الحضارة الغربية، فلا يتكلم العربية الفصحى "!؟ ، وأما حجته في ذلك ، فهي أن الإستعمال هو السيد الذي يفرض نفسه، واستعمال اللهجة الدارجة لكل بلد هو إعتراف بحق الجماهير في العلم و التأثير !!؟ و هنا يتبادر إلى الذهن، أي علم سنكتبه بلهجات تفتقر إلى المصطلحات العلمية و الأدبية و حتى الإنسانية البسيطة التي تشتمل عليها اللغة العربية الفصحى، بالإضافة إلى اختلافها من بلد إلى آخر ، كما تختلف في البلد الواحد باختلاف مناطقه و أجيال أبنائه !! لقد استنبطت الشعوب هذه اللهجات المحلية لتيسير التعامل اليومي بينها و قضاء الحاجات اليومية البسيطة، فكيف نسمح باتخاذها للتعبير عن حضارتنا و تمددننا و إبداعاتنا و ابتكارات أبنائنا ؟
و إني أتحدى كل من تحدثه نفسه باتخاذ اللهجات الدارجة بديلا عن اللغة الفصحى أن يكتب مقالا بلهجة دارجة عن نظرية ابن خلدون مثلا في العمران البشري أو ابن سينا و الرازي في الطب أو غيرها من النظريات العلمية أو الأدبية قديمة كانت أو حديثة .
أيها السادة يا من تحملون على عاتقكم مسؤولية الإعلام ، ارفقوا بنا و بلغتنا / لغتكم ، و حاولوا أن ترتقوا بمواطنيكم باختيار لغة فصيحة بسيطة و سهلة دون تقعر، عوضا عن لهجة دارجة ركيكة ركاكة من يتبناها ، تزيد الذوق تدنيا بحكم اشتمالها على ألفاظ سوقية مستهجنة نزعم أنكم أربأ من الإنحطاط إلى مستواها .؟
أيها السادة اقرؤوا التاريخ و راقبوا الأمم المتقدمة كيف تحافظ على لغاتها المعيارية (الفصحى) لأن اللغة وحدها تعكس ما بلغته الشعوب من رقي و تقدم في كافة مجالات الحياة . إن توقف اللغة العربية الفصحى عن الإشعاع الحضاري الذي بلغته من قبل مرده تخلفنا الحضاري و تبعيتنا المهينة للغرب و ليس عجز اللغة العربية أو تخلفها و عجزها . فهي مرآتنا في الحضارة و التمدن !
أيها السادة ثقوا كل الثقة أنكم متى اعتززتم بأنفسكم و حضارتكم و لغتكم رمز هويتكم ، و سرتم على درب البحث و التنقيب و الكد في كافة ميادين الحياة لتقوية أمتكم و حماية هويتها من الأعداء فلن تضن عليكم هذه اللغة الجميلة بكل غال و نفيس لفظا و تركيبا و معنى ، مبنى و معنى ، فعلينا أن نهبها ألبابنا و نرعاها بمهجنا حتى تنمو و تينع و تتفتح و تنتشر .
رفقا بلغتنا أيها المهاجرون !!
من الظواهر التي أصبحت تلفت الإنتباه إليها و تعبر عن بعد من أبعاد أزمتنا الحضارية في العصر الحديث ، هو تخلي الجيل الجديد من جاليتنا بالخارج عن لهجتنا الدارجة المستمدة أساسا من لغتنا العربية الفصحى!؟ فأصبحنا نرى و نسمع في شوارعنا أطفالا و شبابا تونسيين يتحاورون باللغة الفرنسية ، بل و فيهم من يحرص كل الحرص على أن يسمعك صوته عاليا وهو يتخاطب مع أبيه أو أمه أو أخيه ... بلغة فرنسية غير سليمة في الغالب الأعم، مستهترين بكل قيمنا و سماتنا الحضارية التي تعتبر اللغة العربية أسا من أسسها. بل إن ما يبعث على الدهشة حقا أن ترى أما تكلم طفلها- فلذة كبدها - بلغة فرنسية ساعية جهدها لتعليمه كيفية التخاطب بلغة من استعمرنا بالأمس القريب و خرب حرثنا و نسلنا و لا يزال يسعى جاهدا لقبر هويتنا الحضارية. و إذا سألت أحدهم : لم هذا الحرص على إنكار جذورك؟ صمت و لم ينبس ببنت شفة ، فتفهم أنه يقلد تقليدا أعمى لا يعرف هو نفسه مآله و مصيره . بل لعل هذه الظاهرة المرضية تكشف عن شعور بالنقص دفين لدى هؤلاء " المتفرنسين "و اعتقادهم الساذج أن في استعمالهم للغة من عاشوا بينهم لأسباب مهنية بحتة سترفع من قيمتهم بين أهلهم و ذويهم و تجعلهم في نفس المقام الذي بلغه المجتمع الفرنسي مثلا .؟!
و هذا لعمري خطأ فادح لأن فرنسا لم تصل إلى ما وصلت من تمدن حضاري و تقدم إلا باحترامها لقيمها و أصالتها الحضارية و على رأس كل ذلك يأتي احترام المواطن الفرنسي للغته الأم ، و إني أتحدى أي تونسي – يعيش على الأرض الفرنسية – أن يرى فرنسيين يتخاطبان باللغة العربية مثلا أو باللغة الألمانية ... بل إن السلطات الفرنسية اتخذت قرارا يقضي بأن يغرم الفرنسي الذي يستعمل مصطلحا غير فرنسي له ما يقابله في اللغة الفرنسية ، مما ينم عن وعي هؤلاء بقيمة اللغة في الحفاظ على هويتهم الحضارية ، و من فقد هويته أنى له أن يبني حضارة أو يصنع تمدنا ؟؟!
فرفقا بنا و بلغتنا أيها المهاجرون و احترمونا كما نحترمكم و نجلكم !!
تعليقات
إرسال تعليق
بعث دولة التوحيد في العالم الإسلامي
هي الرد الوحيد على كل أعداء الإسلام ؟
إن دولة التوحيد وحدها القادرة على رد كيد الأعداء في نحورهم و قتل اليهود المجرمين و الصهاينة المعتدين - أعداء الإنسانية - و ليس تركيا أو إيران أو حماس أو القاعدة ... أو الحكومات العربية المتخلفة...؟؟؟ لأن جميع هؤلاء "علمانيون قطريون" لا تحكم أفعالهم آيات القرآن الكريم و قوانينه الفطرية المجسدة لكل تطلعات الإنسانية في الأخوة و التضامن و التعاون .. و الإنتصار للحق ؟؟
لا حل لنصرة المسلمين و المسلمات و المستضعفين في الأرض و وراثة الأرض ... و التمكين لشريعة الله في الأرض و تحقيق السعادة و الإستقرار في الدنيا و نيل رضوان الله في الآخرة ... ؟ إلا بالسعي الجاد لإقامة دولة التوحيد، المشكلة من" الولايات الإسلامية المتحدة" و تطبيق قوانين القرآن ... في جميع مجالات الحياة ....؟
فأين أنتم يا جنود الله – جنود الإسلام – في تونس و في العالم ... لأخذ المبادرة من حكومات عربية لقيطة جعلت شعوبنا الإسلامية نهبا لكل من هب و دب ..؟
راجع تفصيل ذلك في :
Islam3mille.blogspot.com
http://www.elaphblog.com/islam3000
http://www.elaphblog.com/daawatalhak
http://www.elaphblog.com/islamonegod
http://as7ab.maktoob.com/welcome.htm