مصطلحات مضللة


مصطلحات مضللة


بقلم : محمد سالم بن عمر- عضو اتحاد الكتاب التونسيين .
Mohamedsalembenamor21@yahoo.fr
http:islam3mille.blogspot.com
86، حي الليمون ، منزل بورقيبة 7050 / ص.ب :260 ولاية بنزرت – الجمهورية التونسية .
الهاتف : 23038163 (00216)


درجت جل صحفنا ومجلاتنا الوطنية والقومية على استعمال مصطلحات غريبة، منبتة عن قيمنا الحضارية، تؤذي الذوق العام وتساهم في تكريس مفاهيم يبتهج لسماعها العدو و تثلج صدره وتعينه على تعميق الهوة التي صارت سحيقة بين مفاهيمنا وقيمنا الحضارية و معاييرنا الإسلامية ، وبين ما يظهر من استعمالات اصطلاحية في المراسلات والتحاليل السياسية خاصة. والخطورة تكمن في أن هذه المصطلحات وقع تبنيها من قبل صحف ومجلات جديرة بكل احترام، والتي أصبحت تعكس بحق ما يختلج في صدور أبناء هذه الأمة العظيمة، وسأضرب لذلك أمثلة وقع استعمالها مرات عدّة في صحيفة العرب العالمية .
"عملية انتحارية" تعبير تستعمله كل صحفنا تقريبا إثر كل عملية استشهادية يقوم بها أبناء الحركة الإسلامية في فلسطين، واستعمال هذا المفهوم يكشف عن غياب مفهوم الإسلام الذي يحرم الإنتحار وقتل النفس ويعتبره من الكبائر التي تحرم على مرتكبه دخول الجنة، أما الشهادة أو الاستشهاد – فهو من أكبر القربات إلى الله عز وجل ،لأنه يأتي استجابة لأوامر الله بالقتال في سبيله ويضحى بالنفس و المال و الأهل لإعلاء كلمة الله ونصرة الحق وكل القضايا العادلة و إعلاء كلمة الله و التمكين لشريعته العادلة في الأرض ، ومن استشهد في سبيل الله لإخراج العدو من أرض مغتصبة ونصرة المستضعفين من الرجال و الولدان و النساء ... في الأرض من الظلم المسلط عليهم فهو حي لا يموت بفعل حضوره الدّائم في الذاكرة الجماعية وتحفيزه لقوى الأمة على مزيد التضحية والنضال و الجهاد من أجل استرجاع الحقوق المغتصبة.
"التطرف، الإرهاب، متشددين.." هذه تسميات تطلق على جميع الإسلاميين في العالم مهما اختلفت مفاهيمهم و طرق عملهم وأساليبهم، ولا أعرف ماهو مرجعنا في هذه التسميات؟ هل هي مبادئ الإسلام وقيمه و معاييره أو مبادئ الغرب وضلالاته! فالله قد خص هذه الأمة الإسلامية لتكون هي الشاهدة على الناس بحكم ما تملكه من قرآن كريم يحتوي على كل المعايير الفطرية للسلوك البشري ( ما فرطنا في الكتاب من شيء) مما يكسب هذه الأمة القدرة على معرفة الحق من الباطل والغث من السمين ، والفصل في القضايا الخلافية، فالأمة الإسلامية هي أمة وسط أي أمة العدل و القسطاس المستقيم ، إذا التزمت بتطبيق الإسلام و شريعته العادلة، عادلة لا تبخس حقوق الآخرين أبدا .
وها نحن ندرك اليوم الظلم والطغيان والقهر المسلط على جميع شعوب الأرض – بما فيها شعوب الغرب نفسه - في ظل هيمنة مقاييس الغرب وقيمه و معاييره الخاطئة و الظالمة و المنحرفة عن سواء السبيل!.. فهل يعقل بعد ذلك أن نعتمد مقاييس هذا الغرب في إطلاق تسميات غير محايدة بل متفجرة وتحمل طابع مفاهيم الغرب وتصنيفاته الظالمة!
بقي أن ألاحظ شيئا هاما جدا يخص تحليل الخبر وهو ما أسميه بـ " المكيافيلية " في التحليل السياسي، كأن نعتبر مثلا إعلان دولة عربية عن عدم حضورها "قمة ما" عملا قوميا جليلا متناسين حقائق هذه الدولة التاريخية وعمالتها للصهيونية والإمبريالية الأمريكية بشكل مؤكد و دائم، فكيف نسمح لأنفسنا بإقناع القراء – الذين هم مسؤولية في رقابنا - أن مجرد الإعلان عن عدم الحضور للقمة يمثل حدثا بارزا يحسب لهذه الدولة أو تلك مما يوقعنا في التناقض والتحاليل القاصرة لنفاجأ بعد حين أن هذا الإعلان ماهو إلا مجرد تكتيك سياسي وليس حقيقة قابلة للتطبيق! إن تاريخ الأفراد والدول له أهمية قصوى في تحديد صدق توجهاتهم المستقبلية . فقراءتنا لتاريخ الصهيونية والأسلوب الذي اتبعته لاغتصاب فلسطين من أهلها، يجنبنا الوقوع في أحابيلها وإضاعة الوقت فيما لا فائدة فيه: كأن نصدّق إمكانية إرجاعها الحقوق إلى أصحابها دون قتال كبير وجهاد متواصل!! و محاربتها الند للند أي مقارعتها بدولة تملك من الإمكانات أكثر مما تملك ماديا و معنويا ، فالمجرم يبقى مجرما حتى وإن لبس زي النساك والمتنسكين%

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ردا على حقارة البورقيبيات و البورقيبيين ؟

عروس البحر بين الحقيقة و الخيال ؟!

البلاغ الذكية | ما اسم رئيس تونس القادم؟