حصوننا تتهاوى من الداخل !؟


حصوننا تتهاوى من الداخل !؟
بقلم : محمد سالم بن عمر- عضو اتحاد الكتاب التونسيين .
Mohamedsalembenamor21@yahoo.fr
http:islam3mille.blogspot.com
86، حي الليمون ، منزل بورقيبة 7050 / ص.ب :260 ولاية بنزرت – الجمهورية التونسية .
الهاتف : 23038163 (00216)


إن المرء لتعتصره الآلام ألوانا كلما تأمل أحوال أمتنا و رأى حصوننا تتهاوى من الداخل منذ أن استبدل الغزاة و المستعمرون غزوهم العسكري لديارنا بغزو العقول ، و قد نشطوا لغزو الإنسان في عقيدته ، و في لغته ، و في نمط معيشته ، من خلال إحلال نماذج معينة من التفكير و النظر إلى الحياة و السلوك ، محل النمط السائد و النابع من روح شعبنا العربي المسلم ، ، من قيمه و تقاليده و عاداته و أخلاقه ... و لقد نجح الغزو الحضاري الغربي في زرع أبناء جلدتنا ممن يتكلمون لغتنا ، و يتبنون نظرته لحضارتنا و يحملون أفكاره و قيمه إلى حد التماهي التام معه !
من ذلك نجد مثلا أن السينما العربية ترتكز في كل الأفلام التي تنتجها على فلسفة قوامها اتخاذ الواقع المادي للحياة البشرية مصدرا وحيدا لاستنباط القيم ، و الأخلاق و الحلول التي يسير على هداها الإنسان ، لمواجهة مشكلات الحياة المختلفة ، و أبعدت تماما فكرة استلهام ثوابتنا الإسلامية و بصائرنا القرآنية و قيمنا الحضارية للإستعانة بها على حل مشكلات المجتمع الفردية و الأسرية و الجماعية، بل واستجمعت كل الحجج " الشرعية " و "الدنيوية" من قبل المفكرين و رجال الإعلام العرب لإقناعنا بمشروعية " الأسوة الغربية "، ليتخذ بذلك شرط الإزدهار الحضاري معنى التماهي مع الغرب الإستعماري الداعي إلى وجوب اعتماد التنظيمات و المؤسسات العصرية الأوربية .
من ذلك أن فيلم " المصير "للمرحوم يوسف شاهين و الذي شكل حدثا بارزا خلال بدايات عرضه ، يوحي بادئ ذي بدء بعجز اللغة العربية الفصحى عن التعبير عن رموز حضارتنا الإسلامية و أفكارها عندما أنطق المرحوم أبطال فيلمه و من بينهم ابن رشد ( نور الشريف ) باللهجة المصرية الدارجة ، مستجيبا بذلك لدعوات رموز الإستعمار مثل (ولمور) الذي ناشد الحكومة المصرية مرارا أن تمد يد المساعدة" للعامية" ، : ( لتخليص الطبقات المثقفة – حسب زعم "ولككس" – من السخرية العقلية التي دامت أربعة ألاف من السنين ): ( المرجع : تاريخ الدعوة إلى العامية ، نفوسة زكرياء ص 28 - 41- 42) . كما مضى هذا الفلم " المصير "
قدما في الإيحاء بأن هناك تعارضا تاما بين حرية البحث العلمي و بهجة الحياة، و بين ما تغرسه مفاهيم الإسلام و آيات القرآن في نفوس المسلمين من تزمت و إرهاب !! ؟ و يقترح علينا الفيلم في لقطة معبرة بين ابنة رشد و يوسف الشاب اليافع أن نتعلم أصول الحب و أحواله من هذا الأخير رمز الحضارة الغربية !؟
أما سياستنا الرعناء في مواجهة قضايا العصر فقد غيبت عنها تماما فكرة الأحوال الثابتة في ميدان السياسة الإسلامية الرشيدة التي أنزل الله في شأنها آيات بينات نبراسا للحاكم العادل و الناجح في خدمة أمته ، كوجوب الشورى ، و تشريك كل المواطنين في تحمل المسؤولية في إدارة شؤون المجتمع ، و تكوين " أمة " تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر " و تذكر بقوانين الله الفطرية في الأسرة و المجتمع ... و لو عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ، و الرجوع إلى كتاب الله لفض النزاعات التي تحدث بيننا حكاما و محكومين ، و نصرة المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان .. بل أصبح في عرفنا السياسي أن هؤلاء المستضعفين أولى ضحايا الصراع على السلطة ، و ضحية يسهل تقديمها كبش فداء للفوز بكراسي الحكم و المسؤولية ، مثلما حدث في فلسطين مؤخرا ، و ا لتي لا تزال تنزف و لا من مجيب ، كما أصبح الولاء للغرب و ديمقراطيته المتوحشة ، لافتة لكل السياسات العربية ، معارضة و حكومات رغم كل المساوئ التي بانت للعيان ، و قد نسي قادتنا و زعماؤنا : أن هؤلاء يرضوننا بأفواههم و تأبى قلوبهم إلا الحقد و الكراهية لكل ما يمت لهذه الأمة العظيمة بصلة . فمتى نعود إلى رشدنا ؟! %

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

البلاغ الذكية | ما اسم رئيس تونس القادم؟

ردا على حقارة البورقيبيات و البورقيبيين ؟

النخبة المستعلية على قيم شعبها و قوانينه لا بد أن تحاكم و تعدم أو تنفى م...